للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- أنَّ (إنَّ) لتأكيد الإثبات، و (ما) مؤكِّدة وليست نافيةً (١)، فيجتمعُ توكيدٌ على توكيد، فتصبح بمعنى القصر (٢)، وهذا ما يُقصَد به الحصر بدلالة المفهوم.

ج- استعمال العرب لها في الحصر، ومثالُه قوله تعالى: {وإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} (٣)، وكذا قولُ الفرزدق:

أنا الضامنُ الراعي عليهم وإنَّما ... يُدافِعُ عن أحسابِهم أنا أو مِثْلي (٤)

وأما مَن عدَّها لتأكيد الإثبات (٥)؛ فلخروجها من الحصر لغيره، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (٦)، فـ (إنما) أفادت الحصر، وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الماء من الماء" (٧).

وأما مَن عدها للحصر والمبالغة (٨)، فبما يوحي به المعنى، ومثالُ ذلك في المبالغة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الربا في النسيئة" (٩).

وقد اعتُرض على القول بأنها للحصر بما يلي:


(١) نسب هذا الرأي إلى: علي بن عيسى الربعي، وهو عالم بالعربية أصله من شيراز، له مؤلفات في النحو منها: كتاب البديع، وشرح مختصر الجرمي وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، توفي ببغداد ٤٢٠ هـ. ورأيه في: الإبهاج في شرح المنهاج ١/ ٣٥٦، وترجمته في: نزهة الألباء في طبقات الأدباء ١/ ٢٤٩، وفيات الأعيان ٣/ ٣٣٦، الإعلام للزركلي ٤/ ٣١٨.
(٢) القصر في اللغة: (الحبس)، وفي الاصطلاح: تخصيص شيء "صفة أو موصوف" بشيء "موصوف أو صفة" بطريق مخصوص بـ (ما) و (إلا) وما شابه ذلك، وقصر الشيء على الشيء ليس إلا تأكيدا على تأكيد.
الإيضاح في علوم البلاغة ٣/ ٥، الإبهاج في شرح المنهاج ١/ ٣٥٧.
(٣) آل عمران: ٢٠.
(٤) روي بلفظ مختلف: أنا الذائد الحامي الديار، ديوانه ٤٨٨، نهاية الأرب في فنون الأدب ٧/ ٨٥، شرح المفصل لابن يعيش ٢/ ٨١، الجنى الداني في حروف المعاني ٣٩٧.
(٥) الإحكام في أصول الأحكام ٣/ ٩٧، البحر المحيط في التفسير ١/ ١٠٠.
(٦) التوبة: ٦٠.
(٧) مسند الإمام أحمد بن حنبل ١٨/ ٢٥، صحيح مسلم ١/ ٢٦٩، سنن الترمذي ١/ ١٨٦، المستصفى ٢٧١.
(٨) البحر المحيط في التفسير ١/ ١٠٠، الجنى الداني في حروف المعاني ٣٩٦.
(٩) صحيح مسلم ٣/ ١٢١٨، سنن ابن ماجة ٢/ ٧٥٨، سنن الترمذي ٣/ ٥٣٤، سنن النسائي ٧/ ٢٨١.

<<  <   >  >>