للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونجد عند ابن الملقن في بعض المسائل ترجيحًا لرأي معين، مع عدم التزامه بذكر سببِ الترجيح. هذا وربما يكونُ ترجيحُه مراعاةً للمعنى، ومن ذلك: في قوله - عليه السلام -: (عليك ليلٌ طويلٌ) لما ذكر أن رواية الرفع (ليلٌ) على الابتداء، ورواية النصب (ليلًا) على الإغراء، قال ابن الملقن: "والأولُ أولى من جهة المعنى (ليلٌ طويلٌ فارقد)؛ لأنه الأمكنُ في الغرور من حيث إنه يخبره عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد" (١).

هذا، وقد يكون تأييدُ ابن الملقن لرأي معين أو دحضُه مبنيًّا على اللفظ والمعنى، ومن ذلك في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ} (٢)، قال ابن الملقن: "وخطأُ كونِه بمعنى الانتظار من وجهين: أنه عُدِّي إلى مفعوله بـ (إلى)، وإذا كان بمعنى الانتظار لا يتعدى بها، والوجه الثاني: حملُه على معنى الانتظار لا يخلو أن يُراد به منتظرة ربَّها أو ثوابَه، وعلى أيهما حُمل فهو خطأ؛ لأن المنتظرَ لِمَا ينتظرُه في تنغيص وتكدير" (٣).

وفي بعض المواطن نجده يقدم ظاهر المعنى على الحكم النحوي في عرضه للمسائل، ومن ذلك في قوله تعالى: {إِلَّا خَطَ‍ئًا} (٤)، قال: "ظاهرُه ليس مرادًا؛ فإنه لا يسوغُ له قتله خطأ ولا عمدًا" (٥).

ومن الأمثلة على ترجيح ابن الملقن مع عدم ذكر سبب الترجيح: في كلمة (مِنَى) قال: "الأجوَدُ صرفُها، وكتابتُها بالألف، وتذكيرُها" (٦).

وقد يُرجِّح ابن الملقن رأيًا قبل إيراده للآراء النحوية، ففي قوله - عليه السلام - (يجعلون المحرمَ صفرَ)، قال ابن الملقن: "والصواب: صفرًا؛ لأنه مصروفٌ قطعًا ... " (٧)، ومن ذلك أيضًا في (نعم وبئس) قال: "فعلان لا ينصرفان؛ لأنهما انتقلا عن موضعهما، فـ (نِعم) منقولٌ من قولك: نَعِم


(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٩/ ٨٩.
(٢) القيامة: ٢٢.
(٣) المصدر السابق ٣٣/ ٣٢٤.
(٤) النساء: ٩٢.
(٥) المصدر السابق ٣١/ ٣٥٧.
(٦) المصدر السابق ٣/ ٣٨٨.
(٧) المصدر السابق ١١/ ٢٥٢.

<<  <   >  >>