للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعرب قد تحذف (كاد) كثيرًا من كلامها؛ لدلالة الكلام عليه، كقولهم في: (أظلمت الشمس)؛ كادت تظلم، ومنه قوله تعالى: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} (١)، أي: كادت من شدة الخوف تبلغُ الحلوقَ" (٢).

وما قاله ابنُ بطال مماثلٌ لما نقله عنه ابنُ الملقن؛ غير أن ابن الملقن اكتفى بقول العرب وبالآية القرآنية، ولم يذكر البيت الشعري الذي ذكره ابنُ بطال؛ وهو قول الشاعر:

يَتَعَارَضُونَ إِذا الْتَقَوْا فِي مَوْطِنٍ ... نَظَرًا يُزِيلُ مَوَاطِئَ الأَقْدَام

قال ابنُ بطال: فلم يقل: (كاد يزيل)، ولكن نواها في نفسه.

ومثله في (كره لكم قيل وقال)، قال ابن الملقن: "قال أبو عبيد: كناية عن قيل وقول، يُقال: قلت قولًا وقيلًا ... " (٣)، أما نصُّ كلام أبي عبيد فهو: "جعل القال مصدرًا؛ ألا تراه يقولُ: عن قيل وقال، فكأنه قال: عن قيل وقول؛ يقال على هذا: قلت قولًا وقيلًا وقالًا".

أما ما أُخذ على النقل لدى ابن الملقن: فهو أنه ربما ينقل عن شارحٍ للحديث رأيًا نحويًّا دون الرجوع إلى أهل الصناعة، مع أن الرأي الصحيح والصواب هو ما عليه النحويين، ومن ذلك: في (والوضوء أيضًا)، قال ابن الملقن: "قال القرطبي: الواو عوضٌ من همزة الاستفهام كما قرأ ابن كثير: {قَالَ فِرْعَوْنُ وآمَنتُم} (٤) " (٥). هذا ما نقله ابن الملقن عن القرطبي، وموطن الخلل هو: أن القاعدة والآية التي نقلها ابن الملقن عن القرطبي فيها إبدال الهمزة واوًا؛ لوقوعها مفتوحةً بعد ضم، وذلك لا ينطبقُ على ما ورد في الحديث الشريف؛ لوقوعها بعد فتحٍ، فلا وجهَ لإبدالها فيه واوًا (٦).

وأما ما أُخذ من عدم الدقة في النقل، ففي (إذ يخرجك قومك)، إذ قال ابن الملقن: "استعمل فيه (إذ) في المستقبل كـ (إذا)، وهو استعمالٌ صحيح كما نبه عليه ابنُ مالك، وقال:


(١) الأحزاب: ١٠.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٦/ ٢٩٣.
(٣) المصدر السابق ١٥/ ٤٦٠.
(٤) الأعراف: ١٢٣.
(٥) المصدر السابق ٢/ ١٧٧.
(٦) مصابيح الجامع ٢/ ٤٢٧.

<<  <   >  >>