للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالبَاعِثِ الوَارِثِ الأَمْوَاتِ قَدْ ضَمِنَتْ ... إِيَّاهُمُ الأَرْضُ فِي دَهْرِ الدَّهَارِيرِ (١)

وثانيهما: تعذرُ استعمال الضمير المتصل، كانحصاره بـ (إنما) مثلا، ومنه قول الشاعر (٢):

أَنَا الذَّائِدُ الْحَامِي الذِّمَارَ وَإِنَّمَا ... يُدافِعُ عَنْ أَحْسَابِهِمْ أَنَا أَوْ مِثْلِي (٣)

أو أن يؤخَّر عاملُه، ومنه قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (٤)، أو أن يكون بعد (إلا)، كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (٥).

ويرى الزمخشريُّ أن انفصالَ ثاني الضميرين أكثرُ من اتصالهما (٦)، وقال الكرماني: ("قتالُكم إيَّاه" أفصحُ مِن "قتالِكُمُوه"، فلذلك فَصَله) (٧)، وقال العينيُّ: (الصوابُ معه) (٨)، وربما حُمل ذلك على الكثرة دون الالتفات إلى كون المتصلِ أخصرَ في الكلام، وأبعدَ عن اللبس، كما ذكرنا سابقًا.

وبعد عرض المسألة يتضحُ أن ابنَ الملقن قد سار على الأصل الذي من أجله وُضع الضميرُ.


(١) البيت من البسيط، ذكر بألفاظ مختلفة؛ منها: بالوارث الباعث الأموات ... ، الباعث الناس والأموات ... ، بالباعث الوارث الأموات، الخصائص ١/ ٣٠٨، ما يجوز للشاعر من الضرورة ٢٧٩، شرح الكافية الشافية ٥/ ٩٤، همع الهوامع ١/ ٢٤٦.
(٢) نسب للفرزدق في ديوانه ٤٨٨، الجنى الداني ٣٩٧، شرح شافية ابن الحاجب ٤/ ٧٩، ونسب لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ١٨٦.
(٣) البيت من الطويل، ذكر بألفاظ مختلفة، منها: أنا الذائد الحامي الديار ... ، أنا الضامن الراعي عليهم وإنما ... ، الجنى الداني ٣٩٧، شرح التصريح ١/ ١٠٩، شرح شافية ابن الحاجب ٤/ ٧٩، المسائل النحوية، د. ناهد العتيق ١/ ٢٦٥.
(٤) الفاتحة: ٥.
(٥) الإسراء: ٢٣.
(٦) المفصل في صنعة الإعراب ١٧٠.
(٧) الكواكب الدراري ١/ ٥٦.
(٨) عمدة القاري ١/ ٩٢.

<<  <   >  >>