للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجامع).

وتقديرُهم في هذا الحديث: يا نساءَ الأنفُسِ المسلمات، ولكن يرى الزجَّاجُ (١): أن التقدير هو: يا نساءً مِن الأنفُس المؤمنات؛ لأمرين:

١ - لئلا يُنعت لشيء محذوف.

٢ - أنه يُقصد بـ (الأنفس) الرجالُ، والخطابُ للنساء، وفيه تفضيلٌ لهن، ولو قُصد بها الرجال والنساءُ لَمَا صار لهن فضلٌ.

ويمكنُ القولُ إن (الأنفُس) واحدها نَفَس، والنَفَسُ مؤنثة (٢)، فيستقيمُ تخريج البصريين.

أما الكوفيون فيُجيزون إضافةَ الشيء إلى نفسه، ويجعلون من ذلك نحوَ قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} (٣).

والذي يظهر أنه لا يجوزُ إضافةُ الشيء إلى نفسه، وذلك من جانبين:

أحدهما: من حيث النظر؛ وذلك لأن الإضافة يُراد بها التعريفُ، والشيءُ لا يتعرَّفُ بنفسه؛ لأنه إن كان فيه تعريفٌ كان مستغنيًا عن الإضافة، وإن لم يكن فيه تعريف كان بإضافته إلى اسمه أبعدَ من التعريف.

ثانيهما: من حيث المعنى؛ لأنك لو قلت مثلًا: (زيدٌ أفضلُ من إخوته)، فالهاء عائدة على زيد، وزيدٌ ليس واحدًا من إخوته، إنما واحدٌ من بني أبيه، فلو كان واحدًا منهم وهم مضافون إلى ضمير، لوجب أن يكون داخلًا معهم في الإضافة.

أما ما استدل به الكوفيون مِن نحوِ قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}؛ فهو محمولٌ على حذف المضاف إليه وإقامةِ صفته مُقامَه، إذ الحقُّ غير اليقين، إنما خالصُه وأصحُّه (٤).


(١) نقلًا: التوضيح لشرح الجامع الصحيح ١٦/ ٢٧٥، وذكر في كتابه: (معاني القرآن ... ) أن (الأنفس) تقع للمذكر والمؤنث ٤/ ٣٦٠.
(٢) تهذيب اللغة ١٣/ ٨، الزاهر في معاني كلام الناس ٢/ ٣٧٤، النظم المستعذب في تفسير ألفاظ المهذب ١/ ٢٣١، لسان العرب ٦/ ٢٣٥.
(٣) الحاقة: ٥١.
(٤) المحكم والمحيط الأعظم ٦/ ٥١٠، الإبانة في اللغة العربية ١/ ٤٣٣، لسان العرب ١٣/ ٤٥٧.

<<  <   >  >>