للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثالُ اتحاده في الابتداء ما ذكره سيبويه: " (قد جرَّبتُك فوجدتُك أنت أنت)، فأنتَ الأولى مبتدأة، والثانية مبنيةٌ عليها، كأنك قلت: فوجدتُك وجهُك طليقٌ، والمعنى: أنك أردت أن تقول: فوجدتُك أنت الذي أعرفُ" (١)، فهذا التركيب جائزٌ لوجودِ معنًى أعطى فائدةً.

ومثلُه قولُ أبي خِراش (٢):

رَفَوْنِي وَقَالُوا يَا خُوَيْلِدُ لَمْ تُرَعْ ... فَقُلْتُ وَأَنْكَرْتَ الْوُجُوهَ هُمُ هُمُ (٣)

والمعنى: هم الذين يَطرُدونني، وهم الذين يطلبون دمي.

ومما جاء وظاهرُه اتحادُ الشرط والجزاء: قوله - عليه السلام -: " ... إن كان مِن أهل الجنة فمِن أهل الجنة ... " (٤).

فظاهرُ الحديث اتحادُ الشرط والجزاء، لكنهما متغايران في التقدير، ولعل تقديره: فمقعدُه من مقاعدِ أهل الجنة (٥).

ومن خلال ما سبق يتبيَّنُ أن النحاةَ يرون أن الشرط والجزاء، والمبتدأ والخبر؛ لا بد فيهما من إفادةٍ وتغايُر، وابنُ الملقن عند شرحه لحديث " ... فمَن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله ... " سار على ما هو مقرر عند النحويين.


(١) الكتاب ٢/ ٣٥٩.
(٢) هو: أبو خراش خويلد بن مرة، أدرك الإسلام شيخًا كبيرًا، ووفد على عمر ومات في خلافته، ت: ١٥ هـ، وترجمته في: الأغاني ٢١/ ١٤٨، الأعلام للزركلي ٢/ ٣٢٥.
(٣) من الطويل، الأغاني ٢١/ ١٤٨، الخصائص ١/ ٢٤٨، الخزانة ١/ ٤٤٠.
(٤) صحيح البخاري ٢/ ٩٩، باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي.
(٥) فتح الباري ٣/ ٢٤٣، طرح التثريب ٣/ ٣٠٦، إرشاد الساري ٢/ ٤٦٧، التيسير بشرح الجامع الصغير ١/ ١٢٨.

<<  <   >  >>