للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدُها: (مثلَ أو قريبَ) بغير تنوين (١).

ثانيها: (مثلًا أو قريبًا) بالتنوين (٢).

ثالثُها: (مثلَ أو قريبًا) بغير تنوين لـ (مثل)، وبالتنوين لـ (قريب) (٣).

فتوجيهُ الرواية الأولى (مثلَ أو قريبَ): مثلَ فتنة المسيح الدجال، أو قريبَ الشبهِ من فتنة المسيح الدجال، فحُذف المضاف إليه "الشبه" وبقِي المضافُ على حاله قبل حذف المضاف إليه (٤). ووُجهت توجيهًا آخرَ؛ وهو أن (قريبَ) مضافٌ إلى فتنة أيضًا، وأُقحم حرفُ الجر بين المتضايِفَين (٥).

والذي يظهرُ أن التوجيه الأولَ لهذه الرواية أقوى؛ وهو توجيه ابن مالك؛ لأن المعهودَ في الفصل بين المتضايِفَين أن يكون من مواضعِ زيادة (اللام) وليس (من)؛ إذ هو ليس من المواضعِ التي تُزاد فيها (٦).

أما الروايةُ الثانية (مثلًا أو قريبًا) فتوجيهُها: تُفتنون في قبوركم فتنةً مثلًا -أي: مماثلًا- فتنةَ المسيح الدجال أو فتنةً قريبًا من فتنة المسيح الدجال، فـ (مثلًا) منصوب على أنه صفةٌ لمصدر محذوف، و (قريبًا) معطوف عليها (٧).

وأما روايةُ (مثلَ أو قريبًا) فتوجيهُها: فأوحي إليَّ أنكم تُفتنون في قبوركم مثلَ فتنةِ الدجال أو قريبًا من فتنة الدجال، فحُذف ما أضيف إلى (مثل)؛ وهو "فتنة الدجال"، وتُرك المضافُ على هيئته قبل الحذف (٨)، وهي الوجهُ كما يرى ابن الملقن؛ لجواز حذف المضاف إليه لدلالةِ ما بعدَه عليه.

ما سبَق هو توجيهٌ لروايات الحديث وتوضيحٌ لما اختاره ابنُ الملقن منها، وبيانُ ذلك فيما


(١) صحيح البخاري (٨٦).
(٢) المنتقى شرح الموطإ ١/ ٣٣٠.
(٣) صحيح البخاري (١٠٥٣)
(٤) شواهد التوضيح ١/ ١٦٢.
(٥) فتح الباري ١/ ١٨٣، إرشاد الساري ١/ ١٨٤.
(٦) رصف المباني ٢٤٤، الجنى الداني ١٠٦ - ١٠٧.
(٧) عمدة القاري ٢/ ٩٦.
(٨) فتح الباري ١/ ١٨٣، عمدة القاري ٢/ ٩٥، إرشاد الساري ١/ ١٨٤، شواهد التوضيح ١/ ١٦٢.

<<  <   >  >>