للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين أنه لا يصحُّ النصبُ على التمييز؛ لكونِ (نسوة) جمعًا، والعددُ (إحدى عشرة) لا يُميز إلا بمفرد، وإنما يصحُّ النصبُ على إضمار (أعني)، أو الرفعُ بدلًا من الفاعل (إحدى عشرة).

ثم ذكر رأيَ النحويين في حكم حذف علامة التأنيث ونونِ الجماعة، وقال: إن الأحسنَ في الكلام حذفُهما (١)، وذلك في مثل: جلس إحدى عشرة امرأة.

وبيان ذلك فيما يلي:

أما رواية (نسوة) فدراستُها ضمن باب العدد وتمييزه، حيث ذكر النحويون أن العدد (٣ - ١٠) ما بعده مضافٌ لجنسه مجموع، والعدد (١١ - ٩٩) يُميَّز بواحد يدل على جنسه، والعدد (١٠٠ - ١٠٠٠) ما بعده مضاف لجنسه مفرد (٢).

و(نسوة) اسمُ جمع، جاء بعد عددٍ تمييزُه مفرد، فلا يصلحُ إضافةُ العدد الذي قبله إليه، إذ لا تمييز للعدد (١١) إلا بواحد، وهذا كما قال ابنُ الملقن خارجٌ عن وجه الكلام، فنصبُ (نسوة) يكونُ على إضمارِ (أعني)، ورفعُها يكونُ على البدلية من الفاعل (إحدى عشرة)، وهو الأظهرُ؛ لئلا يُحتاج إلى تقدير.

فبهذين التخريجين استقامت روايةُ الحديث، وقد تُعرب (نسوة) تمييزًا، باعتبار الأصل، وإلا فهي جمعٌ في الدلالة.

ونظير ذلك قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} (٣)؛ إذ أعربوا (أسباطًا) بدلا من (اثنتي عشرة)، لكونها جمعًا بعد عدد تمييزُه مفرد (٤)، وأعربت (أسباطا) صفةً لموصوف محذوف تقديره (فرقة أسباطًا) (٥)، وأعربت كذلك تمييزًا؛ لأنه مفرد تأويلًا، كما قال ذلك


(١) كما يراه القاضي عياض، إكمال المعلم ٧/ ٤٥٦.
(٢) الكتاب ١/ ٢٠٦، الأصول ١/ ٣١١، أوضح المسالك ٢/ ٣٠٠، شرح ابن عقيل ٤/ ٦٩، همع الهوامع ٢/ ٣٤٦.
(٣) الأعراف: ١٦٠.
(٤) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٢/ ٣٨٣، إعراب القران للنحاس ٢/ ٧٦، مشكل إعراب القران لمكي ١/ ٣٠٣.
(٥) الجدول في إعراب القرآن ٩/ ١٠٣.

<<  <   >  >>