للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ينظر إلى نفوس تلاميذه ويتعاهدها بالرعاية والنصحية، فإذا وجد من أحدهم إحساسا بالعلم يمازجه الغرور أزال عنه الغرور ببعض الاختبارات التي تثبت له أنه ما زال في حاجة إلى مزيد من العلم.

ذكر الكرداني في مناقبه بسنده إلى أبي يوسف رحمه الله تعالى قال: كنت أطلب الحديث وأنا مقل المال.

-الإمام الكبير صاحب أبي حنيفة، أبو يوسف.

يقول: كنت أطلب الحديث وأنا مقل المال، فجاء إلي أبي وأنا عند الإمام.

فقال لي: يا بني لا تمدن رجلك معه.

-سيضيعك أبو حنيفة فلا تجلس هنا معه، سيضيع مستقبلك، باللغة الحديثة يعني.

فقال له: يا بني لا تمدن رجلك معه فإن خبزه مشوي، وأنت محتاج.

فقعدت عن كثير من الطلب ..

- فأبوه تسبب في أن أخل بطلب العلم وكسبه.

يقول: واخترت طاعة والدي، فسأل عني الإمام وتفقدني وقال حين رآني: ما خلفك عنا؟ قلت: طلب المعاش. فلما رجع الناس وأردت الإنصراف دفع لي صرة فيها مائة درهم. فقال: فقال أنفق هذا، فإذا تم فأعلمني.

-بعدما تستنفد هذه النفقة.

فأعلمني والزم الحلقة.

فلما مضت مدة دفع إلي مائة أخرى، وكلما تنفد كان يعطيني بلا إعلام كأنه كان يخبر بنفادها، حتى بلغت حاجتي من العلم، أحسن الله مكافأته وغفر له.

-انتهى كلام الإمام أبي يوسف رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>