إن ترك الصلاة سواد وظلمة وهلكة في الدنيا والآخرة، فترك الصلاة يظلم القلب، ويسود الوجه؛ لأن الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلما قويت الظلمة ازدادت الحيرة حتى يقع تاركها في الضلالات وهو لا يشعر، كأعمى خرج في ظلمة لوحده.
وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين وتعلو الوجه، فيصير سواداً يدركه أهل البصائر، وتحصل حين ذلك الوحشة بينه وبين الناس سيما أهل الخير، فيجد نفوراً من أهل الخير ومن الصالحين من عباد الله، لا يشعر بالأنس معهم، بل يشعر بالوحشة بينه وبينهم، وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم، وحرم بركة النفع بهم، وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن، إلى أن ينتهي به الحال في المآل إلى أن يقترن بصحبة السوء والأشرار يوم العرض على الملك الجبار، {أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[المجادلة:١٩].
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) أي: يحشر مع هذه الصحبة الخبيثة.
يقول بعض أهل العلم: وإنما يحشر تارك الصلاة مع هؤلاء الأربعة: وهم قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف؛ لأنه إنما يشتغل عن الصلاة بماله أو بملكه أو بوزارته أو بتجارته، فإن اشتغل بماله عن الصلاة حشر مع قارون، وإن اشتغل بملكه حشر مع فرعون، وإن اشتغل بوزارته حشر مع هامان وزير فرعون، وإن اشتغل بتجارته حشر مع أبي بن خلف تاجر الكفار بمكة.
فما أنقص عقل من باع مرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بمرافقة الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً!