للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حق الله مقدم على حق غيره]

نعود إلى موضوع التوازن بين حقوق الأولاد والأهلين وحقوق العمل وحقوق الله سبحانه وتعالى، فإذا حضر حق الله يلغى كل عمل آخر، ومن ثم قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:١٠٣] فهي تقدم على غيرها من الواجبات أو الحقوق، بل تلغى الحقوق الأخرى ويقدم حق الله تبارك وتعالى.

وهذا الإنسان الذي يؤجل الصلاة عن أول وقتها ويظن أنه إذا أخرها سينجز حاجته وعمله، نقول: بالعكس، إن البركة تنزع من وقته، ولا يحصل منه الصلاة في وقتها، ولا يحصل منه إنجاز عمل عطل الصلاة من أجله، فتنزع البركة من الوقت فلا ينجز لا هذا ولا ذاك، فالإنسان يعود نفسه أنه متى ما جاء وقت الصلاة فليتذكر معنى كلمة: الله أكبر، فيقدم حق الله وحق الله أكبر على أي حق آخر في هذه اللحظة، يقول عز وجل: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) قال جماعة من المفسرين: إن المراد بقوله تعالى: (عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) هنا الصلوات الخمس، فمن اشتغل عن الصلاة بماله كبيعه أو صنعته أو ولده، كان من الخاسرين وذلك لقوله تعالى في آخر الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} [النور:٣٦ - ٣٧]، فانظر إلى هؤلاء الذين يقولون: إن العمل عبادة ويضيعون الصلاة، وانظر إلى قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} [النور:٣٦ - ٣٧]، والبيوت في الآية هي المساجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>