للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصلاة فرضت على جميع الأنبياء والمرسلين وأتباعهم]

ليست هذه المكانة للصلاة من خصائص الإسلام الخاص الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما هي من خصائص دين الإسلام عامة، باعتباره الدين الوحيد الذي نزل من السماء، فالسماء لم ينزل منها إلا دين واحد، ولذلك من الخطأ الشديد استعمال تعبير الأديان السماوية، فهذا تعبير باطل غير صحيح، ومن العقيدة الإسلامية أن تؤمن أن جميع الأنبياء أتوا بدين واحد وهو دين الإسلام، وإنما طرأ التحريف على بعض الأديان لسبب أو لآخر، لكن جميع الأنبياء أتوا بدين واحد، والقاسم المشترك في رسالتهم هو لا إله إلا الله، وكل أمة من الأمم السابقة كانت كلمة النجاة لا إله إلا الله، مثلاً: في عهد موسى: لا إله إلا الله، موسى رسول الله، في عهد نوح: لا إله إلا الله، نوح رسول الله، أما في هذه الرسالة الخاتمة فكلمة النجاة إلى الأبد هي: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فجميع الشرائع السماوية السابقة تضمنت إيجاب وفرضية الصلاة؛ لأنه لا يصلح دين بدون صلاة، فالصلاة أقدم عبادة؛ ولأنها من مستلزمات الإيمان لم تخل منها شريعة من الشرائع، ولم تنسخ الصلاة أبداً فيما نسخ من الشرائع السابقة، قد يكون هناك تغيير في شكل الصلاة أو في أوقاتها، لكن أصل فرضية الصلاة لا يمكن أن ينسخ؛ إذ لا خير في دين لا صلاة فيه، ولهذا حث عليها جميع رسل الله وأنبيائه عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام.

فقد قص رب العزة عن إبراهيم عليه السلام دعاءه: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم:٤٠] فهذا إبراهيم عليه السلام كان يقيم الصلاة.

ونوه جل وعلا بشأن إسماعيل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فقال سبحانه وتعالى مادحاً إسماعيل ومثنياً عليه: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم:٥٥].

وقال تبارك وتعالى مخاطباً موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:١٤].

ونادت الملائكة مريم أم عيسى عليه السلام: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران:٤٣].

وقال عيسى عليه السلام وهو يحدث بنعمة ربه تبارك وتعالى عليه: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم:٣١].

وأخذ الله الميثاق على بني إسرائيل فجعل إقامة الصلاة من أهم مواد هذا الميثاق: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:٨٣].

وقال جل وعلا مخاطباً خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:١٣٢].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة) وهذا جزء من حديث صحيح، وهو يدل على أن جميع الأنبياء أمروا بالصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>