إن الصلاة أهم أمور الدين، فهي أجل مباني الدين بعد التوحيد، ومحلها في الدين محل الرأس من الجسد، فكما أنه لا حياة لمن لا رأس له، كذلك لا دين لمن لا صلاة له.
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى الآفاق:(إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).
إذاً: فالصلاة هي مقياس تعظيم الإسلام في قلبك.
قوله:(إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها فقد حفظ دينه) هذه قاعدة: من حفظ الصلاة فهو لما سواها أحفظ، وهذا أمر واقع ندركه بالحس، فمن كان يحافظ على الصلوات الخمس في جماعة، ويؤدي حقوقها وخشوعها، فهل يعرف أحد منكم شخصاً يقيم الصلاة بهذه الصورة ثم إذا أتى رمضان مثلاً يفطر عمداً؟! هذا لا يكاد يقع أبداً، ولا يتصور أن مسلماً يحافظ على الصلاة ويتهاون في صيام رمضان، لكن ممكن أن نجد معظم الناس يجتهدون جداً في الصيام في رمضان، لكنهم يضيعون الصلاة.
إذاً: من حافظ على الصلاة فهو لما سواها أحفظ؛ لأنه من حافظ على الصلاة وأداها خمس مرات في اليوم والليلة، فبلا شك أن شهراً في السنة كرمضان سيكون أسهل عليه، وكذلك الزكاة، وكذلك غيرها من الواجبات.
فهذه القاعدة مهمة جداً، فمن أراد أن يستقيم على دينه، وتسهل عليه أمور الطاعات؛ فليحافظ على الصلاة، فإن القاعدة: أن من حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع؛ لأن من هانت عليه صلاته لن يعز عليه شيء.
فقول عمر:(إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة) يعني: أن الصلاة عون على باقي أركان الدين؛ لأنها تذكر العبد جلالة الربوبية، وذلة العبودية، وأمر الثواب والعقاب، فعند ذلك يسهل عليه الانقياد للطاعة، ولذلك قال تبارك وتعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}[البقرة:٤٥] أي: استعينوا بالصبر والصلاة على كل شيء مما يلم بالمرء، فإنه محتاج إلى أن يستعين عليه بالصبر والصلاة.
يقول صلى الله عليه وآله وسلم:(رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)، فالصلاة قوام الدين الذي يقوم به كما يقوم الخباء على عموده، وهل يرفع الخباء ألف وتد إن لم يكن له عماد في الوسط؟ لا يمكن أبداً، فكذلك الصلاة.
وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال:(دخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو مسجى -يعني: بعدما طعن رضي الله عنه- فقلت: كيف ترونه؟ قالوا: كما ترى، قلت: أيقظوه بالصلاة) يعني: كان أمير المؤمنين في حالة إغماء من شدة النزيف الذي حصل له؛ لأن الرواية بينت أنه طعن في مقتل، طعن في المعدة، وكان النزيف شديداً جداً، والدليل أنهم لما سقوه لبناً خرج مع الدم، ولما كان في هذه الحالة قال لهم المسور:(أيقظوه بالصلاة؛ فإنكم لن توقظوه بشيء أفزع له من الصلاة، فقالوا: الصلاة يا أمير المؤمنين، فقال: ها الله إذاً، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وإن جرحه ليثعب دماً رضي الله تعالى عنه) يعني: يتفجر منه الدم ويسيل، وهذا الأثر صحيح.