[اقتران الصلاة في القرآن والسنة بالإيمان]
إن من فضائل الصلاة: أن الصلاة إيمان، فقد سمى الله تبارك وتعالى الصلاة إيماناً في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة:١٤٣].
يعني: صلاتكم إلى بيت المقدس، كذلك أيضاً جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة إيماناً فقال: (آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم) متفق عليه.
فدل على أن الصلاة من الإيمان.
يقول الإمام الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى: وليس من العبادات بعد الإيمان الرافع للكفر عبادة سماها الله عز وجل إيماناً، وسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تركها كفراً إلا الصلاة.
وقال البيهقي رحمه الله تعالى أيضاً: وقد ذكر الله جل جلاله الإيمان والصلاة فلم يذكر معها غيرها، دلالة بذلك على اختصاص الصلاة بالإيمان، فقال تبارك وتعالى: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة:٣١ - ٣٢].
فهو لم يقل مثلاً: فلا صدق ولا صلى ولا صام ولا زكى ولا حج، لكن بصفة أساسية قرن الصلاة مع الإيمان والعقيدة والتصديق.
فقوله: (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) يعني: فلا هو صدق برسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن به ولا هو صلى.
وقال أيضاً: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ [المرسلات:٤٨]، ثم قال: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات:٥٠].
فهنا قرن بين عدم الركوع وبين الكفر، إذ لو كانوا مؤمنين لركعوا وصلوا لله تبارك وتعالى.
يقول البيهقي: فوبخهم على ترك الصلاة كما وبخهم على ترك الإيمان، وقد ذكر الله جل جلاله الصلاة وحدها دلالة بذلك على أنها عماد الدين؛ لأنه قرنها بالإيمان، ومثله قوله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [الأنعام:٩٢].
انظر كيف قرن الإيمان بالصلاة؛ فدل على خطورة الصلاة، وكما أن الصلاة إيمان فترك الصلاة كفر، فقد قال الله تعالى في حق المشركين: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١].
قوله: (إِنْ تَابُوا) يعني: إن تابوا من شركهم، وأقاموا الصلاة معتقدين وجوبها آتين بأركانها، وآتوا الزكاة المفروضة؛ فإخوانكم في دين الإسلام، هذا منطوق الآية، ومفهومها أن من أصر على شركه، وعلى ترك الصلاة، وترك الزكاة، ولم يتب ويدخل في الإسلام؛ فليس من إخواننا في دين الإسلام.