للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حتمية حصول الرزق والأسباب الشرعية للحصول عليه]

لقد ضمن الله تبارك وتعالى لعباده أرزاقهم فقال سبحانه وتعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود:٦].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت، لأدركه رزقه كما يدركه الموت) يعني: أن الإنسان يرزق رغم أنفه؛ لأن الرزق مكتوب لك حتى ولو قلت: أنا لا أريده وفررت منه، فسوف يجري خلفك إلى أن يلحقك حتماً إذا كان الله قد كتبه لك.

وقال صلى الله عليه وسلم: (الرزق أشد طلباً للعبد من أجله) الإنسان إذا طلبه ملك الموت وحضره أجله هل يستطيع أن يهرب منه؟ حتماً لا بد أن يموت في الأجل الذي كتبه الله، فكذلك الرزق مكتوب، وسوف ينالك ما كتب لك من هذا الرزق.

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روعي -هذا إلهام وهو نوع من أنواع الوحي-: أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها؛ فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) وهذا حديث صحيح.

قوله: (إن روح القدس نفث في روعي) أي: جبريل عليه السلام.

قوله: (أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) يعني: اطلبوا الرزق لكن بنوع من الحكمة.

قوله: (ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته).

يعني: ما دام أن الرزق عند الله، فالوسيلة التي يطلب بها الرزق هي طاعة الله، وليس عن طريق معصية الله تبارك وتعالى.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت همه الآخرة جمع الله له شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت همه الدنيا فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له) فرزق الله لا يجلبه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره.

فمن كانت همه الآخرة يكافأ على ذلك بأن يجمع الله له شمله، ويجعل غناه في قلبه، وهذه أعلى درجات الغنى غنى النفس، وتأتيه الدنيا راغمة.

إذاً: يرزق العبد رغم أنفه؛ لأن رزق الله لا يجلبه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره؛ ولأنه سبق به قلم القضاء: (رفعت الأقلام وجفت الصحف).

<<  <  ج: ص:  >  >>