[تعويد الطفل على صلاة الجماعة منذ الصغر وربطه بالمسجد]
إن على الأب أن يعود الطفل على صلاة الجماعة منذ الصغر؛ كي يتعلق قلبه بالمساجد، وفي المساجد يتعرف على العلماء، ويمارس عملياً آداب الإصغاء في مجالس العلم، والحرص على مشاركة الكبار في أفعالهم ميل طبيعي عند الطفل، فليستثمر الأب هذا الشيء.
كذلك ينبغي أن يعلم الطفل آداب المسجد، وأن يحافظ على المسجد من التلويث أو النجاسة، وأن يحافظ على المسجد من اللهو والصراخ.
هناك أحاديث تدل على أن أطفال الصحابة كانوا يتواجدون في المسجد، لكن أطفال الصحابة لا أظن أنهم كانوا مثل أطفالنا، أو أنهم يفعلون مثل هذه الأشياء التي يفعلها أطفالنا في المساجد، فالطفل الذي يعرف آداب المسجد، ويحافظ على خشوع المسجد، هو الذي يأتي، لكن قد يؤتى بغيره لضرورة، كأن يخرج شخص لحاجة ما ومعه ابنه، فإن أرجعه إلى البيت فاتته صلاة الجماعة، فهذه حالات استثنائية، لكن أن نحول المسجد إلى دار حضانة وصراخ وزعيق بصورة لا تنبغي أو أن نلوث المسجد بالقاذورات فهذا لا يقول به أحد ولا يرتضيه، وهذا نوع من التعسف.
والرخصة تقف عند حد معين، فلا ينبغي أن نأتي إلى الحد الأقصى، ونجعله نقطة انطلاق إلى الإفراط في استعمال هذا الحق، فالأطفال الذي يأتون إلى المساجد يجب أن يكونوا من النوع الذين لا يلعبون فيها، ولا يحدثون أذية للمصلين، ولا يعبثون بأجهزة المسجد ونحو ذلك.
إذاً: لا بد أن يلقن الطفل أولاً آداب المسجد، فإذا اطمأن إلى ذلك يحضره إلى المسجد، وقبل أن يحضره إلى المسجد يهيئه لذلك؛ لأن الطفل قد يكون عنده نوع من الخوف الاجتماعي، فكونه يلتقي بجمع كثير في مكان واسع جداً مثل المسجد قد يحصل له نوع من الهيبة، وقد يبكي ويصرخ، فلابد من التهيئة له قبل أن نذهب به إلى المسجد، وذلك بأن يوصف له المسجد، وأن المسجد بيت الله سبحانه وتعالى، وأنه مكان واسع وجميل ونظيف ورائحته طيبة وشكله جميل، وفيه كذا وكذا، فتصف له المسجد، وتقرن له المسجد بكل شيء جميل، وبأشياء محببة إليه، فمثلاً: تشتري له الحلوى من جنب المسجد، وتقول له: اشتريت لك هذه الحلوى من المحل القريب من المسجد، يعني: أدخل كلمة المسجد واقرنها بالأشياء التي يحبها.
كذلك لو مررت به من جانب المسجد تقول له: هل ترى هذا البناء الجميل؟ هذا هو المسجد، وأنا قريباً سوف آخذك معي لتصلي فيه، فهذا نوع من التدرج قبل أن تأتي به إلى المسجد، كذلك يمكن تهيئة جو المسجد قبل اصطحابه، فلا مانع أن يتفق الأب مع الإمام ومع المؤذن وبعض المصلين من الجيران، أنه إذا حضر معي هذا الطفل إلى المسجد فلاطفوه، وبعض كبار السن يأتون إلى المسجد وفي جيب أحدهم (شوكولاتة) أو حلويات للأطفال، فإذا لقي الطفل في المسجد يعطيه، فهذا نوع من التلطف مع الطفل، وتحبيبه في المسجد وفي أهل المسجد، فيحسن بالأنس، فيطمئن لأهل المسجد ورواده؛ لأن الاهتمام به في أول مرة يدخل فيها المسجد سوف يوقع في نفسه شأن تعظيم الصلاة.
كذلك إذا كان الإمام ممن يطيل الصلاة إطالة تخالف السنة نبهه على عدم الإطالة.
وكذلك يربط الطفل بحلق تحفيظ القرآن الكريم وتجويده في المساجد بالتعاون مع إمام المسجد؛ لأنه لم يبق لنا حصن إلا المساجد الآن، فهي الحصن الأخير الذي يمكن أن تصحح فيه الأخطاء التربوية، وحصن من السهام الموجهة للأطفال والأبناء في المدارس والإعلام والمجتمع، إلى آخره، فنسأل الله أن يحفظها من كل سوء.
كذلك يهتم بترسيخ ارتباطه بالمسجد وأهله عن طريق ممارسة أنشطة نافعة ومسلية للأطفال.