تجب المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المسجد، ولا شك أن تعظيم الصلاة يكون على قدر تعظيم الدين في قلب المؤمن، فإذا كان هذا أمراً عاماً في الصلوات، فهو في صلاة الفجر مقياس في غاية الدقة، فهو أدق بكثير من المقياس العام، فالمقياس الحقيقي للالتزام وللإيمان ولحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وحب طاعة الله هو المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المسجد، فإذا أردت أن تقيس مدى تفريطنا معشر المسلمين في جنب الله عز وجل وتعدينا حدود الله فانظر إلى الصفوف في صلاة الفجر؛ تجدها خاوية إلا قليلاً ممن رحم الله تبارك وتعالى، حينئذٍ نتمثل قوله تعالى:{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}[يس:٣٠] فكأن فريضة الفجر على غيرنا كتبت، وكأن صلاة الفجر في حقنا نسخت، بل القلوب قست، والعيون جمدت، والهمم خمدت، لقد صار المصلون بالنسبة إلى جملة المنتسبين إلى الإسلام قليلة، والذين يشهدون صلاة الجماعة من جملة المصلين أقل من هؤلاء، والذين يشهدون صلاة الفجر في المسجد أقل من الذين يصلون صلاة الجماعة، بل الذين يصلونها فرادى في بيوتهم أقل، فيا لله ماذا أصاب أهل الإسلام؟! وماذا دهى أمة خير الأنام صلى الله عليه وسلم؟! أليس من عدل الله فينا أن سلط علينا بذنوبنا من لا يخافه ولا يرحمنا؟! وهل تمنينا العزة والنصر والتمكين وحالنا كما ذكرنا إلا من الانحراف عن نهج ربنا الكريم؟! وهل تنشأ يقظة عن غفلة، أو نهضة عن رقود، أو حركة وجهاد عن جمود وخمود، أو حياة من موت، أو انتباه وانتعاش من غشاوة وفتور؟! يقول عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرعد:١١] إن الطريق إلى الفلاح والتمكين يبدأ من المحراب، وعلينا أن نبادر بالمصالحة مع الله والإنابة إليه قبل أن ينزل بنا سخطه، ويحل علينا غضبه، ولات حين مناص، يقول الشاعر: بذنوبنا دامت بليتنا فالله يكشفها إذا تبنا