للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المحافظة على الصلوات سبيل المؤمنين وشعار حزب الله المفلحين]

إن الصلاة سبيل المؤمنين، وشعار حزب الله المفلحين وأوليائه المرحومين، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:١١٥] فالصلاة معلم أساسي ورئيسي من معالم سبيل المؤمنين، فلا يتصور أن مؤمناً لا يصلي، هذا شيء غير وارد؛ فلذلك من الشعائر الظاهرة لأهل الإيمان وأولياء الله وحزب الله سبحانه وتعالى المحافظة على الصلاة، فمن لم يصل فهو ليس من حزب الله، إنما هو من حزب الشيطان الخاسرين، وهو عدو الله ورسوله والمؤمنين؛ لأن ولي الله عز وجل لا بد أن يكون مقيماً للصلاة؛ لأنه لا يتوقع أبداً ولا يتصور أن ولياً من أولياء الله يستحق صفة الولاية ثم هو لا يصلي، بل قطعاً الذي لا يصلي بدون عذر وعمداً أنه من أولياء الشيطان، وهو من حزب الشيطان الخاسرين، يقول تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:٧١].

وعن إبراهيم ومجاهد في تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الكهف:٢٨] (بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) قالا: الصلوات الخمس.

وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله تعالى عنها قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فممن أنا؟ قال: من الصديقين والشهداء) فهؤلاء المصلون هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، قال الله عنهم: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:٦٢ - ٦٣].

إذاً: كل من آمن واتقى فهو ولي من أولياء الله، وليست الولاية حكراً على طبقة خاصة، كما يزعم بعض الصوفية أن الولاية متوارثة لطبقات معينة، بل ولاية الله باب مفتوح لكل الناس، فكل واحد إما أنه ولي لله أو ولي للشيطان، ولا يوجد وسط، لكن المسلمون يتفاوتون في درجة الولاية.

فالناس ينقسمون إلى قسمين: أولياء الله وهم المسلمون، وأعداء الله وهم الكفار.

في مصر لما يذكر أولياء الله الصالحين تذهب الأذهان إلى الموتى، قال الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله حين زارنا قبل سنوات بعيدة: أنتم هنا في مصر عندكم أولياء الله الصالحين، لقد تبادر إلى أذهانكم الموتى، أليس عندكم أولياء لله أحياء؟! ثم قال مخاطباً الإخوة: كلكم أولياء الله ما دمتم تصلون وتتقون.

إذاً: ولاية الله باب مفتوح لكل من على وجه الأرض وأراد أن يصير ولياً من أولياء الله تبارك وتعالى، حتى لو كان شمعون بيريز وغيره من الكفار، فالباب مفتوح أمامهم على مصراعيه، فمن أراد أن يكون ولياً لله فهذا أمر سهل جداً، يقول عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [يونس:٦٣ - ٦٤].

وأذكر أن الشيخ الجزائري قال: لو أني نزلت من مطار القاهرة وقلت لصاحب (التكسي): أريد أن أزور أولياء الله في القاهرة، فماذا سيفعل؟ سيطوف بي على جميع المقابر والأضرحة قبر الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة إلى آخر هؤلاء الأولياء.

يعني: أن هذا المعنى فعلاً راسخ في قلوب الناس، لكن الصحيح والذي ينبغي أن ننبه الناس إليه أن باب الولاء مفتوح لكل من على وجه الأرض، فكل إنسان يستطيع أن يكون ولياً من أولياء الله، وذلك بأن ينضم إلى حزب الله تبارك وتعالى.

إذاً: هؤلاء المصلون هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وهم الذين تبكي لفراقهم السماء والأرض إذا أفضوا إلى ربهم.

وهؤلاء هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، الذين افترض الله سبحانه وتعالى وأوجب علينا أن نسأله أن يهدينا إلى صراطهم، يقول عز وجل: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:٧] نسأله ذلك سبع عشرة مرة في اليوم والليلة على الأقل في الصلوات الخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>