للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ارتباط الصلاة بالحاجات والأحداث]

إن الصلاة ليست مقصورة على فريضة تؤدى في وقتها، ويتخلى بها المسلم عما أوجبه الله عليه من فضل، ولكنها جنة المسلم، فأنت لا تصلي بمجرد أن تستريح منها، كلا، بل أنت ينبغي أن تصلي؛ لأنها سلاحك وجنتك، والمفتاح الدائم الذي يفتح به كل فضل، ويكشف به كل هم وغم.

فهناك صلاة للخوف، وصلاة للاستسقاء إذا انقطع المطر، فالصلاة مرتبطة بالحاجات، ومرتبطة بتفريج الكربات، كذلك إذا وقعت في معصية فإنك تفزع إلى الصلاة؛ كي تمحى عنك هذه الخطيئة، فعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غفر الله له، ثم تلا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:١٣٥])، وهذه صلاة التوبة يفزع إليها العبد إذا افترسه الشيطان وأوقعه في معصية.

كذلك للخسوف وللكسوف صلاة، فالصلاة لها ارتباط بالحدث، فينبغي الفزع إلى هذه الصلوات الموظفة في أوقات معينة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) والغاية أن ينجلي وينكشف هذا الغم.

وفي رواية: (فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا).

إذا أراد العبد أن تقضى له حاجة أو تفرج عنه كربة فبإمكانه أن يقدم بين يدي دعائه صلاة ركعتين، ليس هذا اعتماداً على الحديث الضعيف الوارد في شأن صلاة الحاجة؛ لأنه لا يصح؛ لكن لأن هناك ما يدل على أن من آداب الدعاء تقديم عمل صالح بين يدي الدعاء.

وآداب الدعاء كثيرة منها: أن تتصدق قبل أن تدعو أو تقرأ قرآناً أو تختمه، أو تصوم وعند الإفطار تدعو أو غير ذلك، كذلك يمكن أن تصلي ركعتين قبل أن تدعو، باعتبار أن من آداب الدعاء تقديم عمل صالح بين يديه، ويستدل لهذا أيضاً بحديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه: (أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني فقال: إن شئت أخرت لك وهو خير، وإن شئت دعوت، فقال: ادع، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو).

إلى آخر الحديث.

فهذا فيه إشارة لهذا المعنى، وأنه قبل أن يدعو يصلي ركعتين.

والمداومة على تعمير بيوت الله عز وجل بالصلاة وبالذكر من أسباب قضاء الحاجات، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (إن للمساجد أوتاداً هم أوتادها، لهم جلساء من الملائكة، فإن غابوا سألوا عنهم، وإن كانوا مرضى عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم) وهذا الحديث صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، وذلك كله ببركة محافظتهم على صلاة الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>