[السبب الثامن: استعمال الأمور المنبهة لصلاة الفجر]
هناك أسباب كثيرة تعين الإنسان على المحافظة على صلاة الفجر، وبعض إخواني الأفاضل لكي يحافظ على صلاة الفجر كان يشرب سوائل كثيرة جداً؛ حتى يحتاج إلى قضاء الحاجة بسبب هذه الكمية من السوائل، فيستيقظ فينتبه لصلاة الفجر، وكان نفس الأخ ينام ويدلي حبل من الشباك إلى خارج المنزل، حتى يمر أحد إخوانه فيحرك الحبل حتى يستيقظ، فهذه مجاهدة، يقول عز وجل:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت:٦٩].
وأعرف شاباً قابلته قبل سنة (١٩٧٥م) في أحد المساجد، وكان المسجد بعيداً جداً عن بيته، فحتى يضمن صلاة الفجر في المسجد، كان يبيت في المسجد من أجل المحافظة على صلاة الفجر! فالشاهد أن الأسباب كثيرة، مثل أن يتخذ الإنسان منبهاً كالهاتف، ويوصي من يتصل به، فهذا من تعاون المسلمين فيما بينهم، وأنا أعتقد أن وزر أصحاب العمارات التي يكون فيها إخوة متجاورون مضاعف إذا لم يتعاونوا على البر والتقوى، فعليهم أن يوقظ بعضهم بعضاً، والوسائل الآن كثيرة جداً، وممكن يكون هناك اشتراك في (السنترال) من أجل أن يوقظهم في موعد معين مثل وقت صلاة الفجر أو غيرها من المواعيد، فهناك مائة وسيلة، هناك ساعات للأذان توقظ لصلاة الفجر، فالأسباب كثيرة جداً، وليس شرطاً أن تكون مكلفة من الناحية المالية، لكن من كان جاداً وحريصاً فإنه يستطيع أن يتغلب ولا يتعلل بالأعذار، ولذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام في ركعتي الفجر:(لا تدعوهما ولو طردتكم الخيل) فإذا كان ثواب ركعتي سنة الفجر خيراً من الدنيا وما فيها، فكيف بثواب الفريضة؟! والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي:(ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)، ومن أجل ذلك كله، ومن أجل أن المؤمن تمس حاجته إلى مزيد من التنبيه للاستيقاظ لصلاة الفجر ليتغلب على وسوسة الشيطان وتسويل النفس الأمارة بالسوء؛ شرع الأذان الأول قبل دخول وقت الفجر، وهذه خصيصة من خصائص صلاة الفجر، فقد شرع الأذان الأول من أجل إعانة الناس على تحصيل الثواب العظيم لصلاة الفجر، ومن أجل التغلب على وسوسة الشيطان وتسويل النفس الأمارة بالسوء، ثم زيد في الأذان الأول للفجر هذه العبارة الوجيزة الحاسمة التي تسري في قلب المؤمن سريان الكهرباء، فتطرد عنه النوم، فيهب للصلاة، ألا وهي عبارة (الصلاة خير من النوم).
فلا شك أن الإنسان لو وعى هذه الكلمة، (الصلاة خير من النوم) لعرف ولعلم أن لذة الصلاة خير عند أرباب الذوق وأصحاب الشوق من لذة النوم، أما من سمعها ولم تعمل في قلبه، فآثر لذة الدنيا على نعيم الآخرة، فإنه يعاقب بأن يبول الشيطان في أذنيه ويصبح خبيث النفس كسلان.