[قصة عبد الرحمن الناصر وإعادة بناء الدولة الإسلامية في الأندلس حال شبابه]
كذلك عبد الرحمن الناصر رحمه الله، تحدثنا عنه في مجموعة الأندلس من الفتح إلى السقوط، اقرأ سيرته، تابع خطواته، استمتع بخططه، تدبر في ترتيبه وإعداده وتنظيمه، استلم دولة مفككة مترهلة مشتتة، تموج بالثورات والفتن، يطمع فيها أهل الأرض جميعاً، وليس لها فيما يبدو للناس أمل في أن تقوم من جديد، فإذا به بصبر عجيب، وثبات نادر، وعزيمة وجهد وإخلاص يعيد ترتيب الأوراق من جديد في بلاد الأندلس، يعيد للعلماء هيبتهم، يعيد للجيش الإسلامي رهبته، يوحد الصفوف، يطهر البلاد من المشركين والمنافقين، يبني حضارة عظيمة جداً في الأندلس، يتفوق في كل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والدينية والاجتماعية، وكذلك المجال المعماري والترويحي، في كل المجالات، حتى أصبحت الأندلس في زمانه أقوى دولة بلا منازع على وجه الأرض، وجاء زعماء أوروبا جميعاً ليطلبوا وده، وليفوزوا برضاه.
ملت عبد الرحمن الناصر أقوى ملوك أوروبا في القرون الوسطى.
وعبد الرحمن الناصر رحمه الله استلم الحكم وهو يبلغ من العمر إحدى وعشرين أو اثنين وعشرين سنة، سنة ثالثة أو رابعة جامعة، لماذا الشاب في الجامعة وبعد الجامعة يعتبر نفسه صغيراً عن السياسة، وصغيراً عن الاقتصاد، وصغيراً عن المشاكل الاجتماعية، وصغيراً عن التغيير، وصغيراً عن الإصلاح، وصغيراً على إنكار المنكر والأمر بالمعروف؟ يا أخي الشاب! لقد مر ثلث عمرك أو نصف عمرك، هذا إن قدر لك أن تعيش إلى خمسين أو ستين أو سبعين سنة، فحرام أن تمر السنوات من بين يديك وأنت ما زلت متعلقاً بلعبة أو فسحة أو صديقة أو قصة شعر أو موضة أو تلفاز أو متعلقاً بسهر على المقاهي أو النوادي ورجوع إلى البيت قبل الفجر، من سيرجع إليك هذا الوقت مرة أخرى؟! الرسول صلى الله عليه وسلم ينبهك:(اغتنم خمساً قبل خمس) وذكر منها: (شبابك قبل هرمك) الشباب لن يرجع مرة أخرى إذا بلغت الشيخوخة أو الهرم.