[استحضار النية]
الوسيلة الأولى وهي أهم الوسائل على الإطلاق: استحضار النية وتحديد الهدف.
فالناس لا يقرءون وعندهم مشكلة في القراءة؛ لأنهم لا يعرفون لماذا يقرءون؟ لو عندك امتحان في كتاب معيّن فستقرؤه، أو عندك وظيفة تحتاج إلى معلومات معيّنة ستذهب وتقرؤها، فالنية هي التي تحدد قدر الثواب الذي ستحصل عليه، فقد تعمل عملاً معيناً تأخذ عليه عشر حسنات، وقد تعمل نفس العمل بنية أفضل وأكثر تأخذ مائة حسنة أو ألف حسنة، وقد تعمل نفس العمل ويحبط تماماً إذا لم تكن النية سليمة.
فأنا أقرأ؛ لأن الله عز وجل أمرني بالقراءة، قال لي وقال لكل المسلمين بصيغة الأمر المباشر وبمنتهى الوضوح: ((اقْرَأْ))؛ ولذلك فأنا أطيع الله عز وجل وأقرأ، بهذا سيتحول كل حرف تقرؤه إلى حسنات.
وأنا أقرأ؛ لأنفع نفسي في الدنيا والآخرة؛ فلا فلاح في الدنيا والآخرة بغير العلم.
وأنا أقرأ؛ لأنفع من حولي: أولادي وأمي وأبي وإخواني وأخواتي وأقاربي وأصحابي, ومن أعرف, ومن لا أعرف، فأصبح كحامل المسك لا يجاوره أحد إلا وشم من طيبه ورائحته.
وأنا أقرأ؛ لأنفع أمتي؛ لأن أمة لا تقرأ أمة غير مرهوبة، ومتخلفة عن الركب، ومتبعة لغيرها، لذلك أنا أقرأ لأجعل أمتي في مقدمة الأمم.
فارضاء رب العالمين بقراءتك، ونفعك لنفسك، ولأمتك ولمن تحب من الدوافع العظيمة التي ستُشعل حماستك للقراءة.
فطالما أن هذه النية في ذهنك فلن تغيب عنك الضوابط التي ذُكرت في صدر سورة العلق؛ فأنت تقرأ باسم الله فلا بد أن تكون قراءتك على هذا المستوى، وأنت لا تتكبر بقراءتك وعلمك؛ لأنك تعلم أن الله عز وجل هو الذي منّ عليك بهذا الفضل.
فلو حرصت على استحضار النية وتحديد الهدف ستكسب في كل قراءة أشياء في غاية الأهمية: أولاً: ستحصل على الأجر والثواب، كلما تقرأ علماً نافعاً فإنه سيكون لك بكل حرف تقرؤه حسنة والحسنة بعشر أمثالها، ويزيد الله لمن يشاء، وستكسب ترسيخ المعلومة في ذهنك؛ لأن لها هدف معروف وهدف نبيل، وستستمتع استمتاعاً حقيقياً بكل ما تقرأ، وهذا ينطبق على العلوم الشرعية وغيرها، سيستمتع قارئ السياسة بما يقرأ، وقارئ الاقتصاد بما يقرأ، وقارئ التاريخ بما يقرأ.
بل سيستمتع كل طالب بالمذاكرة التي يذاكرها، وستختفي معظم مشاكل الآباء والمدرسين مع الأبناء والطلاب، فالآباء والمدرسون يوجبون على الطلاب المذاكرة دون توجيه النوايا وتحديد الأهداف فتضيع الساعات والأيام والشهور والسنوات ويخرج الطالب بعد دراسة ستة عشر أو سبعة عشر سنة أقرب إلى الأمية منه إلى العلم! فضياع الهدف كارثة حقيقية.
إن علماء الإدارة يضعون أول شيء يجب أن تعمله لأي مشروع في حياتك هو تحديد الهدف بوضوح، فهو أهم وسيلة في المحافظة على القراءة.