[بث الرسول صلى الله عليه وسلم للأمل في قلوب أصحابه في غزوة الأحزاب]
وفي غزوة الأحزاب لما حوصرت المدينة المنورة بعشرة آلاف، ووصل الموقف إلى درجة من الشدة حتى قال بعض المحاصرين: كان الرجل فينا لا يأمن على قضاء حاجته، فقد كانوا في حصار ومصائب وكوارث وحروب ومع ذلك لما عرضت لهم صخرة شديدة وذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء إليهم وأمسك بالمعول وضرب الحجر ضربة فانكسر ثلث الحجر، وتطاير الشرر، فقال صلى الله عليه وسلم لصحابته:(الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء من مكاني هذا).
فبشرهم بفتح الشام وهم محصورون في المدينة المنورة، وعجيب جداً أن يذكر ذلك الكلام في ذلك الموضع، (ثم قال: باسم الله وضرب الضربة الثانية فتكسر ثلث الحجر وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم ضرب الضربة الثالثة فقلع بقية الحجر فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر صنعاء من مكاني هذا).
فبشرهم بفتح اليمن وفارس والشام وهم في ذلك الحصار، والمسلمون يسمعون ويصدقون، والمنافقون يقولون:{مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}[الأحزاب:١٢]، وأما المؤمنون فلما رأوا الأحزاب {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}[الأحزاب:٢٢]، وهذا الإيمان والتسليم واليقين هو الذي قادهم إلى فتح هذه البلاد.