أولاً: صيام التسع الأول من ذي الحجة، أما اليوم العاشر فهو يوم عيد الأضحى والصيام فيه محرم، فحاول أن تصوم التسع الأول من ذي الحجة، فإن فاتك صيامها فلا يفتك صيام يوم عرفة؛ لأن يوم عرفة هذا في منتهى الأهمية، إذ يكفر الله به ذنوب سنتين كاملتين، أي: سنة ماضية وسنة مستقبلة، كما روى ذلك مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه وأرضاه.
وإن من أعظم بركات الحج أن الله عز وجل يغفر ذنوب الحجاج جميعاً، وأكثر ما يعتق الله من الرقاب يعتقها في يوم عرفة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة)، فالحاج يكفر الله ذنوبه في عرفة، وغير الحجاج الصائمون في يوم عرفة يكفر الله ذنوبهم وهم في بلادهم على بعد مئات أو آلاف الأميال عن مكة، وهذه نعمة من الله عز وجل.
ثانياً: صلاة الجماعة بالنسبة للرجال في المسجد، والصلاة على أول وقتها بالنسبة للنساء، وهذا من الواجب أن يكون طوال السنة، لكن الشيطان يغلب المسلم أو المسلمة ويحرمه أو يحرمها الأجر الكثير لصلاة الجماعة أو للصلاة على أول وقتها، والله سبحانه وتعالى من رحمته بالمؤمنين جعل لهم مواسم يشتاق فيها المسلم للعبادة، ويتقوى عليها بحيث يتدرب على ما كان يصعب عليه في غير هذه الأوقات، كشهر رمضان، وكالعشر الأوائل من ذي الحجة، فهي فرصة ليس فقط لتحصيل كم هائل من الثواب، ولكن للتعود والتدرب على هذه الفضائل طوال السنة، وليس فقط طوال السنة، بل طيلة العمر إن شاء الله.
وقبل أن أترك هذه النقطة اعلم أن صلاة الفجر من أهم الصلوات التي يجب أن يحافظ عليها المؤمن الصادق والمؤمنة الصادقة، وهذه الأيام العشر فرصة لأن نتعلم كيف نحافظ عليها، وفضل صلاة الفجر عظيم جداً، ويكفي أن سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بالكم بصلاة الفرض؟ والذي يريد تفصيلاً أكثر يرجع لمحاضرة: كيف تحافظ على صلاة الفجر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن صلاة الجماعة بصفة عامة:(من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح)، والحديث في البخاري ومسلم، فماذا تريد أكثر من هذا؟ ألسنا نحسد الحجاج على وعد الله لهم بالجنة؟ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم:(الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، هذا حديث رائع! لكن أنت لديك الفرصة وأنت في بلدك، فلا تتعلل بأنك لا تستطيع أن تحج، فإنك كلما ذهبت إلى المسجد أعد الله لك بيتاً في الجنة ذاهباً وعائداً (كلما غدا إلى المسجد أو راح).