٩ حكي أنه كان في المدينة جارية، حسنة قرأت القرآن وردت الشعار، فوقعت عند يزيد بن عبد الملك فأحبها وقال لها: أما لك قرابة حتى أسدي إليهم جميلاً؟ فقالت: أما القرابة فلا، لكن لي، في المدينة، ثلاثة نفر كانوا أصدقاء لمولاي فاستدعاهم يزيد وأمر لكل واحد منهم عشرة آلاف درهم، فلما وصلوا إلى يزيد أكرمهم وقضى حوائج اثنتين منهم وأما الثالث فلم يكن له حاجة، فألح عليه يزيد فقال: ولي الأمان يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم فقال: أريد أن تأمر لي جاريتك أن تغني ثلاثة أصوات أشرب عليها ثلاثة أرطال خمر، فغضب يزيد ودخل على جاريته وأعلمها فقالت له: وما عليك؟ فأمر بالفتي ونصبت ثلاثة كراس فقعد على كل واحد على كرسي، ثم دعا بصنوف الرياحين، وثلاث أرطال خمر، وقال للفتى، سل حاجتك! فقال: تأمرها أن تغني وأنشد:
لا أستطيعُ سلواً عنْ محبتها ... أو ينصعُ الحبُّ بي فوقَ الذي صنعا
أدعو إلى هجرها قلبي فيسعدني ... حتى إذا قلتُ هذا صادقٌ نزعا
فغنت وشربوا ثم قال: تأمرها تغني، وأنشد:
مني الوصالُ ومنكم الهجرُ ... حتى يفرق بيننا الدهرُ
واللهِ لا أسلوكمو أبداً ... ما لاح أو بدا فجر
فغنت وشربوا ثم أمرها تغني: وأنشد:
تخيرتُ من نعمانَ عودَ أراكة ... بهندٍ، ولكنْ من يبلغه هندا
ألا عرجاً بي بارك اللهُ فيكما ... وإنْ لمْ تكنْ هندٌ لأرضكما قصدا
فم تتم الأبيات حتى خر الفتى، مفشياً عليه، فقال: يزيد للجارية: انظري إليه فحركته فإذا هو ميت، فقال لها: ابكه فقالت: أبكيه وأنت حي؟ قال: ابكه فلو عاش ما انصرف إلا بك، فبكت وبكي يزيد، ودفن الفتي ولم تلبث الجارية بعده إلا أياماً قلائل وماتت، قال الراوي هذه الحكاية أبو القاسم بن إسماعيل: ولم أر أذكى من هذه الجارية، حيث إنه سألها، هل من قريب؟ قالت: لا، ولكن ثلاثة أنفار، كان قصدها واحداً منهم، ولكن خافت فأخفت، ولما سأل الفتى إحضارها، وغضب يزيد، ودخل عليها وذكر لها ذلك، وكان قصدها الاجتماع بمن تهواه، فقالت: وما عليك يا أمير المؤمنين، ولما قال لها: ابكه، قالت: ابكيه وأنت حي، وهذا كله من فرط ذكائها لئلا تنفضح بين الناس، ويقولون عنها، فلانة أحبت فلاناً، وفيما ذكرناه كفاية.
١٠ ولنذكر نبذة فيها للسامع فائدة ذكر في كتاب "نصاب الاحتساب": روى الإمام الشعبي بإسناده عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المؤمنين من الرجال، والمذكرات من النساء"، وفي "شرح الكرخي": كان في بيت أم سلمة رضي الله عنها: هيت المخنث فلما حاصر صلى الله عليه وسلم الطائف، قال هيت لعمرو بن أبي سلمة: إذا فتح الله علينا الطائف دللتك على بادية بنت غيلان فنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان، فقال صلى الله عليه وسلم: "هذا الخبيث يعرف هذا، لا يدخل عليكم" ومعنى قوله: تقبل بأربع: عكن البطن، وتدبر بثمان، أطرافها، لكل عكنة طرفين أي جنبيها.
ويكره للنساء اتخاذ الجلاجل في أرجلهن لأنه مبني حالهن على الستر، وفيه إظهارهن مع أنه من أسباب اللهو.
١١ وذكر في "تلخيص البرهان": قال الأصمعي: كان يقال شباب المرأة من خمس عشرة إلى الثلاثين، وفيما بين الثلاثين والأربعين يقال لها: مستمتع ثم قد آيست.
١٢ وذكر في "الأشباه": ليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم إلى الآن ثم تستمر في الجنة إلا الإيمان والنكاح.
١٣ وذكر في "تفسير المدارك": إنما جاز أن تكون امرأة النبي كافرة كامرأتي نوح ولوط، ولم يجز أن تكون فاجرة لأن النبي مبعوث إلى الكفار ليدعوهم، فيجب ألا يكون معه ما ينفرهم وعنه، والكفر غير منفر عندهم، وأما الكشخنة فمن أعظم المنفرات.