جَرَى حُكْمُ الطَّاعَةِ، وَالْعِصْيَانِ، وَتَوَجَّهَ الِاعْتِرَاضُ، وَسُقُوطُهُ كَمَا سَبَقَ، وَهُوَ جَارٍ فِي كُلِّ جَمْعٍ إلَّا فِي بَعْضِ الْجُمُوعِ الْمَبْنِيَّةِ لِلتَّقْلِيلِ كَمَا وَرَدَ عَلَى، وَزْنِ الْأَفْعَالِ كَالْأَثْوَابِ وَالْأَفْعِلَةِ كَالْأَرْغِفَةِ، وَالْأَفْعُلِ كَالْأَكْلُبِ، وَالْفِعْلَةِ كَالصِّبْيَةِ وَقَدْ قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمِيعُ هَذَا لِلتَّقْلِيلِ، وَمَا عَدَاهُ لِلتَّكْثِيرِ وَقِيلَ أَيْضًا جَمْعُ السَّلَامَةِ لِلتَّقْلِيلِ، وَهَذَا بَعِيدٌ، لَا سِيَّمَا فِيمَا لَيْسَ فِيهِ جَمْعٌ مَبْنِيٌّ لِلتَّكْثِيرِ وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَيْضًا لَا يُتَقَدَّرُ الْمُرَادُ مِنْهُ بَلْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ، وَالْأَحْوَالِ؛ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلِاسْتِغْرَاقِ.
، وَأَمَّا النَّوْعُ الْخَامِسُ وَهُوَ الِاسْمُ الْمُفْرَدُ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَلِفُ، وَاللَّامُ فَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى مَا يَتَمَيَّزُ فِيهِ لَفْظُ الْوَاحِدِ عَنْ الْجِنْسِ بِالْهَاءِ كَالتَّمْرَةِ، وَالتَّمْرِ، وَالْبُرَّةِ، وَالْبُرِّ فَإِنْ عُرِّيَ عَنْ الْهَاءِ فَهُوَ لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَقَوْلُهُ: «لَا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ، وَلَا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ،» يَعُمُّ كُلَّ بُرٍّ، وَتَمْرٍ، وَمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِالْهَاءِ يَنْقَسِمُ إلَى مَا يَتَشَخَّصُ، وَيَتَعَدَّدُ كَالدِّينَارِ، وَالرَّجُلِ، حَتَّى يُقَالَ: دِينَارٌ وَاحِدٌ، وَرَجُلٌ وَاحِدٌ، وَإِلَى مَا لَا يَتَشَخَّصُ وَاحِدٌ مِنْهُ كَالذَّهَبِ إذْ لَا يُقَالُ: ذَهَبٌ وَاحِدٌ فَهَذَا لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ، أَمَّا الدِّينَارُ، وَالرَّجُلُ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلْوَاحِدِ، وَالْأَلِفُ، وَاللَّامُ فِيهِ لِلتَّعْرِيفِ فَقَطْ وَقَوْلُهُمْ: الدِّينَارُ أَفْضَلُ مِنْ الدِّرْهَمِ يُعْرَفُ بِقَرِينَةِ التَّسْعِيرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ دَلِيلٌ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: «لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَلَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ» فُهِمَ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ، فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ حَيْثُ لَا مُنَاسَبَةَ فَلَا يَخْلُو عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْجِنْسِ
[الْقَوْلُ فِي الْعُمُومِ إذَا خُصَّ هَلْ يَصِيرُ مَجَازًا فِي الْبَاقِي]
الْقَوْلُ فِي الْعُمُومِ إذَا خُصَّ الْقَوْلُ فِي الْعُمُومِ إذَا خُصَّ هَلْ يَصِيرُ مَجَازًا فِي الْبَاقِي، وَهَلْ يَبْقَى حُجَّةً؟ ، وَهُمَا نَظَرَانِ:
أَمَّا صَيْرُورَتُهُ مَجَازًا فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ: فَقَالَ قَوْمٌ: يَبْقَى حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ مُتَنَاوِلًا لِمَا بَقِيَ حَقِيقَةً فَخُرُوجُ غَيْرِهِ عَنْهُ لَا يُؤَثِّرُ وَقَالَ قَوْمٌ: يَصِيرُ مَجَازًا لِأَنَّهُ وُضِعَ لِلْعُمُومِ، فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ مَا وُضِعَ لَهُ بِالْقَرِينَةِ كَانَ مَجَازًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مَجَازًا فَلَا يَبْقَى لِلْمَجَازِ مَعْنًى، وَلَا يَكْفِي تَنَاوُلُهُ مَعَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ إلَى مَا دُونَ أَقَلِّ الْجَمْعِ صَارَ مَجَازًا فَإِذَا قَالَ: لَا تُكَلِّمْ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ زَيْدًا خَاصَّةً كَانَ مَجَازًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ دَاخِلًا فِيهِ وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِي تَنَاوُلِهِ مَجَازٌ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ.
وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّهُ لَوْ رُدَّ إلَى الْوَاحِدِ كَانَ مَجَازًا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَنْ وَضْعِهِ فِي الدَّلَالَةِ فَالسَّارِقُ مَهْمَا صَارَ عِبَارَةٌ عَنْ سَارِقِ النِّصَابِ خَاصَّةً فَقَدْ تَغَيَّرَ الْوَضْعُ وَاسْتُعْمِلَ لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَضَعَتْهُ الْعَرَبُ وَقَدْ اخْتَارَ الْقَاضِي فِي التَّفْرِيعِ عَلَى مَذْهَبِ أَرْبَابِ الْعُمُومِ أَنَّهُ صَارَ مَجَازًا، لَكِنْ قَالَ إنَّمَا يَصِيرُ مَجَازًا إذَا أُخْرِجَ مِنْهُ الْبَعْضُ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ مِنْ عَقْلٍ أَوْ نَقْلٍ، أَمَّا مَا خَرَجَ بِلَفْظٍ مُتَّصِلٍ كَالِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يَجْعَلُهُ مَجَازًا بَلْ يَصِيرُ الْكَلَامُ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ كَلَامًا آخَرَ مَوْضُوعًا لِشَيْءٍ آخَرَ، فَإِنَّا نَزِيدُ الْوَاوَ، وَالنُّونَ فِي قَوْلِنَا مُسْلِمٌ " فَنَقُولُ " مُسْلِمُونَ " فَيَدُلُّ عَلَى أَمْرٍ زَائِدٍ، وَلَا نَجْعَلُهُ مَجَازًا، وَنَزِيدُ الْأَلِفَ، وَاللَّامَ عَلَى قَوْلِنَا رَجُلٌ " فَنَقُولُ الرَّجُلُ " فَيَزِيدُ فَائِدَةً أُخْرَى، وَهِيَ التَّعْرِيفُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ صَارَتْ صِيغَةً أُخْرَى بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَجَازَ أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَعْنًى آخَرَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ نَزِيدَ حَرْفًا أَوْ كَلِمَةً، فَإِذَا قَالَ: يُقْطَعُ السَّارِقُ إلَّا مَنْ سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ كَانَ مَجْمُوعُ هَذَا الْكَلَامِ مَوْضُوعًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ: تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: ١٤] دَلَّ عَلَى تِسْعِمِائَةٍ، وَخَمْسِينَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute