قوله: لا تتخذ كلبا البيتين، معناه أن اتخاذ الكلب ممنوع حضرا وبدوا، إلا لهذه الأمور الثلاثة، حفظ الزرع، وحفظ الماشية، والصيد للمعاش، وفي الحديث " من اتخذ كلبا إلا كلب زرع، أو غنم، أو صيد، ينقص من أجره كل يوم قيراط "(١) وفي جامع ابن أبي زيد: قيل لمالك - رحمهما الله سبحانه وتعالى -: أهل الريف يتخذون كلابا في دورهم لما فيها من الدواب؟ قال: لا أرى ذلك، إنما الحديث لزرع، أو ضرع، ولم أره يشبه الحائط، وما يكون من المواشي في الصحاري، وأما ما جعل في الدور فلا يعجبني، قيل لمالك - رحمه الله تعالى -: فيخاف اللصوص يقتحمون الباب ويخرجون الدواب، قال: لا يعجبني، قال ابن القاسم - رحمه الله تعالى - إلا أن يكون يسرح معها في الرعي، وينقلب، قيل لمالك - رحمه الله تعالى -: فالمسافر يتخذ كلبا يحرسه؟ قال: ما يعجبني، قيل: فالنخاسون الذين يرتعون دوابهم فيتخذون الكلاب؟ قال: هي من المواشي، قيل: فيتخذ الحاضر الكلب يصيد به؟ قال: إنما ذلك لمن يتخذه لعيشه لا للهو، قال: ولا بأس باتخاذ الكلب للمواشي كلها، ولكن بغير شراء، وإني لأكره شراءه، قال ابن كنانة وغيره: لا بأس أن يشترى لما يجوز اتخاذه له، وقيل لمالك - رحمه الله تعالى -: أتقتل الكلاب؟ قال: نعم يقتل ما يؤذي منها، وما يكون منها في موضع لا ينبغي أن يكون فيه، مثل قيروان الفسطاط.
(١) متفق عليه، واللفظ لمسلم، وفي بعض رواياتهما " قيراطان ".