قال ابن يونس - رحمه الله تعالى -: والدليل لمالك قوله سبحانه وتعالى: (وامسحوا برؤوسكم (فهو كقوله سبحانه وتعالى في التيمم: (وامسحوا بوجوهكم (فلما لم يجز أن يقتصر على بعض الوجه بالاتفاق، وجب أن لا يقتصر على مسح بعض الرأس، وكقوله سبحانه وتعالى: (ولْيَطَّوَّفوا بالبيت العتيق) الذي لا يجوز الاقتصار فيه على بعض الطواف في الطواف، لأن الباء إنما دخلت للإلصاق، إلى أن قال: وليس كما زعموا أنها دخلت للتبعيض، دليلنا أن الاستثناء يصح في ما ذكرنا، ولا يصح في ما كان للتبعيض، لو قلت: امسح برأسك إلا بعضه جاز، ولا يجوز امسح ببعض رأسك إلا بعضه، لأنك استثنيت مجهولا من مجهول، ولو صح أنها تصلح للمعنيين، وأشكل ذلك، فقد رفع الإشكال فعل النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أنه توضأ ومسح جميع رأسه، وقال:" هذا وضوء لا يقبل الله سبحانه وتعالى الصلاة إلا به "
وأما حديث المسح على الناصية فقال المازري: دوفع عنه بأنه لما مسح على الناصية استكمل بقية الرأس بالمسح على العمامة، فلو كان الاقتصار جازيا ما تكلف المسح على حائل.
وقوله: ولا يجوز المسح فوق ساتر ... البيت، معناه ظاهر، قال ابن عرفة: وفيها إن كان معقوصا مسحت على ضفرها، ولا تمسح على حناء أو خمار أو غيره، الطراز: إن كان الحناء بباطن الشعر لم تمنع كالتلبيد، ابن حبيب: إن كثرت شعرها بصوف أو غيره، لم يجز مسحه حتى تنزعه، وتجدد الماء لمسحه.
١٩ - ثم بالابهامين والسبابتين ... من بعد ذا امسحنَّ وجهي الاُذُنَيْنْ
أما الإبهام فقد تقدم الكلام عليها في الأبيات المتقدمة، وأما السبابة فقال في تنبيه الطالب: هي الأصبع التي تلي الإبهام، سميت بذلك لأنهم يشيرون بها إلى السب في المخاصمة ونحوها، ويقال لها: المسبحة -بكسر الباء -لأنها يشار بها إلى التوحيد، فهي مسبحة منزهة، قال ابن العربي: وتسمى مدية الشيطان، نقله في شفاء الغليل.