أشار بهذا إلى الفريضة الرابعة المذكورة في القرآن الكريم، والمجمع عليها بين أهل العلم، وهي غسل الرجلين، وصفته أن يبدأ برجله اليمنى ندبا كما تقدم في اليدين، ويتناول الماء بيده اليمنى، ويصبه عليها قليلا قليلا، مع العرك بيده اليسرى خلال ذلك، والعرك: الدلك، ويبالغ في دلك ما لا يكاد يداخله الماء بسرعة من جساوة أو شقوق، مع صب الماء، فقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم:" ويل للأعقاب من النار "(١) وذلك حين رأى ناسا يتوضؤون وقد بقيت في أعقابهم بقع لم يصبها الماء، ويعمم كعبيه على نحو ما تقدم في المرفقين من الخلاف، والمراد بالكعبين الكعبان المرتفعان الواقعان عند مفصلي الساقين، وقد حكى في ذلك ابن عطية وابن فرحون الإجماع، مصرحين بأن غير ذلك مما قيل به في تفسير الكعب لا قائل بإجزاء الانتهاء إليه، وأن ذلك خلاف لغوي، وقال ابن غازي هما محجوجان بقبول فحول المذهب، كالباجي وابن رشد وعياض وغيرهم رواية القاضي عبد الوهاب فقها، وإن كانت مرجوحة نقله الرهوني.
ويخلل أصابع رجله ندبا، كما قال ابن شعبان، وهو المشهور، وقيل وجوبا، وروى أشهب عن مالك -رحمهما الله تعالى -إنكاره، ومنهم من أباحه، ويرد عليه ما تقدم في البسملة، قال ابن ناجي -رحمه الله تعالى -: والخامس تخليل ما بين الإبهام والذي يليه خاصة، وبه كان شيخنا أبو محمد عبد الله الشبيبي يفتي إلى أن مات، ووجهه أنه لا حرج فيه لانفراجه، بخلاف بقية الأصابع، لأن تخليلها من باب الحرج المسقوط عن هذه الأمة، وبقول شيخنا هذا أقول.