ونقل كنون عن اليسيتني أنه قيد بذلك الخلاف في تخليل أصابع اليدين، ونصه: قال الشيخ ميارة: وقد كنت قيدت عن شيخنا الإمام العالم المحقق أبي الحسن البطوءي عن شيخه الفقيه الأجل قاضي الجماعة بفاس سيدي عبد الواحد الحميدي، عن شيخه الإمام العالم سيدي محمد اليسيتني، أن هذا الخلاف إنما هو في ما عدا ما بين السبابة والإبهام، لشبهه بالباطن، أما ما بينهما فلا خلاف في وجوب تخليله، لأنه من جملة ظاهر اليد الواجب غسله اتفاقا.
قال في التوضيح: ورجح اللخمي وابن بزيزة وابن عبد السلام الوجوب في تخليل أصابع اليدين والرجلين، لما روي أن النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم -كان يخلل أصابع رجليه بخنصره، (١) وذكر ابن وهب أنه سمع مالكا -رحمهما الله تعالى -ينكر التخليل، قال: فأخبرته بالحديث فرجع إليه.
وقد تقدم كلام ابن ناجي في ذلك، وكأن الحطاب رأى مثل ذلك في احتجاج خليل المذكور، فقال بعد نقله: وروى الترمذي من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما - عن النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم " ـ إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك " وقال: حديث حسن غريب.
وإذا أوعب رجله على ما ذكرنا فقد سقط الوجوب، ويطلب بإيعابها مرتين على نحو ما ذكر، كما سبق في الوجه واليدين، وهذا ما صدر في التوضيح بتشهيره، قال: وزعم بعض الشيوخ أنه لا فضيلة في تكرار غسل الرجلين، قال: لأن المقصود من غسلهما الإنقاء، لأنهما محل الأقذار غالبا، ونحوه رواه ابن حبيب عن مالك، نقله في النوادر.
ونقل في المواهب عن ابن راشد -بمد الراء - أنه قال: أخبرني من أثق به من الأشياخ أن فرضهما الإنقاء، قال: وهو المشهور، ويؤيده حديث عبد الله بن زيد في صحيح مسلم قال في آخره: وغسل رجليه حتى أنقاهما، ومن جهة المعنى أن الوسخ يعلق بهما كثيرا، والمطلوب فيهما المبالغة في الإنقاء، وقد لا يحصل بالثلاث.