للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول الشيخ: وتطهيره من الذنوب به، يشير به إلى الأحاديث الواردة في تكفير الوضوء الذنوب وهي كثيرة، منها الوارد في مطلق الوضوء، ومنها الوارد في الوضوء المسبغ، ومنها الوارد في المسبغ على المكاره، ومنها الوارد في الوضوء والصلاة، والمعول أن الذنوب التي يكفرها الوضوء إنما هي الصغائر خاصة، ولا يقال: إن قوله: " كل خطيئة نظر إليها بعينه " نص في عموم الذنوب، لنصوصيته في الاستغراق، لأن الأحاديث الأخرى صريحة في اختصاص ذلك بالصغائر، كحديث " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر (١) " ومعلوم أن الصلاة تستلزم الوضوء غالبا، مع احتمال عدم تناول الخطيئة للكبيرة، ويختص التكفير أيضا بغير ما هو حق للعباد، لحديث الموطإ عن أبي قتادة، قال جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فقال: يا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أرأيت إن قتلت في سبيل الله تعالى صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، أيكفر الله سبحانه و تعالى عني خطاياي؟ فقال رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم -: نعم " فلما أدبر ناداه رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم -أو أمر به فنودي، فقال له رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم -: " كيف قلت؟ " فأعاد عليه قوله، فقال: " نعم، إلا الدين " (٢) وقد حكى ابن العربي وغيره الإجماع على ذلك.

واعلم أن قيد اجتناب الكبائر، راجع إلى تكفير جميع الذنوب، وأما الصغائر فمكفرة بتلك الأعمال وإن غشيت الكبائر، بقرينة ما في الآية من أن اجتناب الكبائر وحده مكفر للصغائر، كما صرحوا به، والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) رواه مسلم والترمذي وابن ماجة والإمام أحمد.
(٢) ورواه مسلم والترمذي والنسائي والدارمي والإمام أحمد.

<<  <   >  >>