والصفة التي ذكر الشيخ تشتمل على واجبات، وسنن، ومندوبات، فمن الواجبات الضربة الأولى بلا خلاف، واختلف في الثانية، والمشهور استنانها لثبوت الأخبار في الاكتفاء بالضربة الواحدة، ومنها مسح الوجه واليدين إلى الكوعين للآية الكريمة، واختلف في مسحهما إلى المرفقين، فقيل واجب، وقيل سنة، وهو المشهور، وقيل يجب إلى المنكبين، وقيل يجب إلى الكوعين، ويسن إلى المرفقين، ويستحب إلى المنكبين، قال ابن يونس - رحمه الله تعالى -: فوجه قول مالك - رحمه الله تعالى -: إنه يتيمم إلى الكوعين، قوله سبحانه وتعالى:(فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) ولم يحد كما حدد في الوضوء إلى المرفقين، وقال سبحانه وتعالى:(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ولم يحد، فأبانت السنة أن القطع من الكوعين، وأجمعت عليه الناس إذ ليس فيه حد، فأعطي أخص أسماء اليد، وكذلك التيمم، لأن المعقول من اسم اليد والأخص بها من الكوع، وأيد ذلك ما روي أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تيمم إلى الكوعين، ووجه قوله يتيمم إلى المرفقين، قياسا على الوضوء الذي هو بدل منه، وقد ثبت الحديث بمثله، ووجه قول من قال إلى المنكبين فلأن ذلك يقع عليه اسم اليد، وهذا أضعف الأقوال.
قوله: وقد ثبت الحديث بمثله، ذكر الكاندهلوي في شرح الموطإ عن صاحب نهاية النهاية، أن جابرا ـ رضي الله تعالى عنه ـ روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال:" التيمم ضربة للوجه، وضربة للذراعين إلى المرفقين " قال: رواه الدارقطني والحاكم، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال العيني: أخرجه البيهقي أيضا والحاكم، من حديث إسحاق الحربي، وقال: صحيح، وقال الذهبي: إسناده صحيح انتهى (١)
(١) قال الحافظ ابن حجر في الفتح: الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار ـ رضي الله تعالى عنهما ـ وما عداهما فضعيف، أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه.