للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأشار بقوله: وأول الوقت البيت، إلى أن التغليس بالصبح أفضل، لما سبق من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " خلافا لأبي حنيفة - رحمه الله تعالى - كما تقدم، قال المازري - رحمه الله تعالى -: ودليلنا على استحباب التغليس قول عائشة - رضي الله تعالى عنها -: كان النساء يخرجن متلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغلس، (١) وهذا فيه إثبات الفضل في التغليس، لأن قولها - رضي الله تعالى عنها -: كان، إشارة إلى المداومة على هذا الفعل، إلى أن قال: وأيضا فإنها إنما خُصت بالأذان قبل وقتها لما كانت إقامتها في أول وقتها أفضل، فقدم الأذان على الوقت ليتأهب الناس للصلاة، حتى يدركهم أول الوقت وهم متأهبون، وأيضا فإن الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - كان ينتظر الناس في صلاة العشاء إذا أبطؤوا، وأما الصبح قال الراوي: كانوا أو كان رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم -يصليها بغلس، (٢) قيل معنى أو أي، إلى أن قال: فأشار إلى أنه كان لا ينتظرهم في الصبح، وينتظرهم في العشاء، وهذا يقتضي فضيلة أول الوقت.

وقد كتب عمر -رضي الله تعالى عنه -إلى عماله أن يصلوا الصبح والنجوم بادية مشتبكة، (٣) وقد روى أبو داود وصححه الخطابي، وحسنه النووي، عن أبي مسعود البدري - رضي الله تعالى عنه -أن رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم -صلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر.


(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.
(٣) رواه الإمام مالك رحمه الله تعالى في الموطإ.

<<  <   >  >>