للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأشار بقوله: ومن زوال ... البيتين، إلى وقت الظهر، فذكر أن وقتها من زوال الشمس الذي تقدم أنه ابتداء انحطاطها عن نهاية ارتفاعها، وعلامته أن يأخذ الظل في الزيادة جهة المشرق، حتى يصير ظل كل شيء مثله، زيادة على ظله الموجود وقت الزوال، قال المازري - رحمه الله تعالى -: واختلف أصحابنا في معنى القول أن آخر وقت الظهر زيادة الظل مثله، فذهب بعضهم إلى أن المراد به أن تنقضي صلاة الظهر عند زيادة الظل مثله، وبه قال الشافعي - رحمه الله تعالى - وقال آخرون المراد به أن يفتتح صلاة الظهر عند زيادة الظل مثله، وسبب هذا الاختلاف ما وقع في حديث صلاة جبريل عليه السلام بالنبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - من أنه صلى به الظهر في اليوم الثاني عند زيادة الظل مثله، (١) وفي بعض طرقه إنما صلاها لوقت العصر بالأمس، ثم أشار إلى اعتضاد الأول بما في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله تعالى عنهما ـ " ما لم تحضر العصر " (٢).

وأشار بقوله: وندبوا تأخيرها ... الأبيات، إلى أنه يندب تأخير صلاة الظهر قدر ذراع صيفا، وهذا قول ابن حبيب، واستحب مالك -رحمهما الله تعالى -ذلك صيفا وشتاء، لكتاب عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه -إلى عماله الذي له حكم الإجماع، وقيل إنما يستحب التأخير المذكور في المساجد خاصة ليدرك الناس الصلاة، وأما الرجل في خاصة نفسه فأول الوقت أفضل له، وهذا القول لابن حبيب وابن عبد الحكم، وبه قال البغداديون، واختاره اللخمي قائلا: وكذلك حكم الجماعة إذا لم ينتظروا غيرهم، نقله ابن ناجي

وقيل إذا اشتد الحر فالأفضل الإبراد بها مطلقا، للجماعة والفذ، وإذا لم يشتد فالأفضل التقديم مطلقا، عزاه ابن عرفة لرواية أبي الفرج، لكن من غير تعرض لذكر الفذ إلا أنه أحروي.


(١) أخرجه النسائي وابن خزيمة والبيهقي في سننه الكبرى، وهو حديث صحيح.
(٢) رواه مسلم وأبو داوود والنسائي والإمام أحمد.

<<  <   >  >>