للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال المازري - رحمه الله تعالى -: أما الإبراد بالظهر فمأمور به لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " (١) وأيضا فإن شدة الحر تقطع عن استيفاء حق الصلاة، وتقتضي استعجال المصلي إلى طلب السكون والراحة، فاستحب ترك إيقاع الصلاة فيه، ألا ترى أن الشرع جاء بنهي الحاقن عن الصلاة، لما كانت الحقنة تمنعه من استيفاء الصلاة، وهذا التعليل يوجب أن يستوي الفذ والجماعة في الأمر بالإبراد، إلى أن قال: فإذا ثبت أن الإبراد مأمور به، قال ابن حبيب: منتهاه إلى وسط الوقت وبعده بقليل، وقال بعض الشيوخ يؤخر إلى الذراع لأجل الجماعة، وإلى نحو الذراعين لأجل الإبراد، وقال محمد بن عبد الحكم: يؤمر بالتأخير، ولكن لا يخرج عن الوقت فأشار إلى أن الإبراد ينتهي لآخر الوقت، والأصح عندي مراعات حال يومه، فإذا فتر الحر القاطع عن استيفاء الصلاة، أمر بإيقاع الصلاة حينئذ، إذا حان الوقت المختار، فإن لم يفتر حتى خيف فوات الوقت، لم تؤخر عن الوقت، فإذا ثبت تعلق الاختيار بزمن ما، وكان التأخير عنه لعذر، فمتى ارتفع العذر تمسكنا بالاختيار، وارتفاع الحر يختلف باختلاف البلاد، واختلاف الرياح، ولكن رأى أصحابنا تحديده بما ذكرناه عنهم، ليكون الحكم عاما، وترجع إليه العامة التي لا تضبط تفاصيل الاجتهاد، فذلك طريق في النظر.

وتعقب ابن عرفة -رحمه الله تعالى -اختيار المازري النظر إلى حر يومه المعين، بأنه يوجب اختلاف الوقت على الجماعة.

وقال ابن حبيب -رحمه الله تعالى -: إن سنة الجمعة في الشتاء والصيف أن تصلى في أول الوقت، حين تزول الشمس، أو بعد أن تزول بقليل، قال: وكذلك قال مالك، نقله في عقد الجواهر الثمينة.

وقد روى البخاري عن أنس -رضي الله تعالى عنه -أنه قال كان النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم -يصلي الجمعة حين تميل الشمس.


(١) الحديث متفق عليه، وهذا اللفظ لابن ماجة والإمام أحمد.

<<  <   >  >>