وأما الإسرار بالإقامة فمندوب للمنفرد مطلقا، ويشترط في الإقامة أن لا يفصل بينها وبين الإحرام فصلا طويلا جدا، ويجوز الكلام بينهما لحاجة، قال في مختصر الواضحة: لا بأس بالكلام بين الإقامة والصلاة، قال عبد الملك: وحدثني ابن الماجشون عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير، قال كانت الصلاة تقام ورسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم -يناجي الرجل طويلا قبل أن يكبر، وإنما جعل العود الذي في القبلة لكي يتوكأ عليه انتهى نقله في المواهب.
قال في المدونة: وينتظر الإمام بعد الإقامة قليلا قدر ما تسوى الصفوف، ثم يكبر ويبتدئ القراءة، ولا يكون بين القراءة والتكبير شيء، وكان عمر وعثمان -رضي الله تعالى عنهما -يوكلان رجلين بتسوية الصفوف، فإذا أخبراهما أن قد استوت كبرا، نقله ابن يونس في جامعه.
وأشار بقوله: ولا تؤذن قبل وقت البيت، إلى أنه لا يجوز أن يؤذن لصلاة قبل أن يدخل وقتها إلا الصبح، قال في المدونة: لا ينادى لصلاة قبل وقتها، لا جمعة ولا غيرها، قال ابن عرفة -رحمه الله تعالى -: ونقل القرافي عن ابن حبيب جواز أذان الجمعة قبل الزوال لا أعرفه، بل قول الشيخ عنه: يؤذن للصبح وحدها قبل الوقت، وقال ابن الحارث: اتفقوا على منعه قبل الوقت إلا الصبح.
وإذا ظهر أن المؤذن أذن قبل الوقت، أعاد الأذان بعد دخول الوقت، لأن الأذان الأول لم يجز، وليعلم أهل الدور أنه كان قبل الوقت، فيعيد من كان قد صلى منهم، وهذا إذا ظهر على ذلك قبل الصلاة، وأما لو صلوا في الوقت، ثم علموا أن الأذان قبل الوقت، فلا يعيدون الأذان، قاله في المواهب.