للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما ذكر في التوضيح أن عليه العمل من رفع التكبير أولا، كالترجيع، وخفض الصوت بما بينهما هو الذي في حديث أبي محذورة في تعليم النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ له الأذان حيث قال بعد التكبير: " ترفع بها صوتك " وقال بعد الشهادتين: " تخفض بها صوتك " ثم قال: " ثم ترفع صوتك بالشهادة " (١).

وقوله في البيت الثالث: لا غير، يعني لا غير الصبح، فلا تقال في أذان المغرب ولا العشاء مثلا، وإنما تقال في أذان الصبح خاصة، ولا فرق في ذلك بين الواقع منه سحرا، والواقع بعد انصداع الفجر.

قوله: وأفرد الألفاظ في الإقامة البيت، أشار به إلى ألفاظ الإقامة، قال الشيخ: والإقامة وتر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.

وقال في الموطإ: فأما الإقامة فلا تثنى، وذلك الذي لم يزل عليه أهل العمل ببلدنا.

وقيل بشفع قد قامت الصلاة، حكاه ابن شعبان في مختصره، وقد رأيته في بعض نسخ الرسالة ولعله زيادة في الطباعة، إذ لم أر من عرج عليه من الشروح، قال المازري -رحمه الله تعالى -: فللمشهور قول الراوي: أمر بلالا -رضي الله تعالى عنه -أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، (٢) فعم سائر ألفاظ الإقامة، ولأنه عمل أهل المدينة، ووجه الرواية الشاذة عنه، ما في بعض الطرق: وأمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، إلا الإقامة، (٣) ولأنه عمل أهل مكة المكرمة.

وفي جامع ابن يونس -رحمه الله تعالى -قال مالك -رحمه الله تعالى -: ولا يؤذن إلا من احتلم، لأن المؤذن إمام، ولا يكون من لم يحتلم إماما، وقال ابن أبي زمنين: يعني أن الناس يأتمون به، ويقتدون به في أوقات الصلوات، ولذلك كانوا يختارون للأذان أهل الصلاح والمعرفة بالأوقات، وقال في العتبية: لا يؤذن الصبي ولا يقيم، إلا أن يكون مع النساء، أو بموضع لا يوجد غيره، فليؤذن وليقم.

وقال في التبصرة: قال أشهب: ويكون المؤذن من أفضل الحي، وهذا هو الحق، لأنه أمين على الأوقات، يصلى بقوله، ويصام، ويفطر، فينبغي أن يكون فيه خصلتان: الثقة والمعرفة بالأوقات.

وقال أيضا: ويستحب أن يكون المؤذن بليغ الصوت، ليبلغ القاصي صوته، ويوقظ النائم، وينبه الغافل، وفي البخاري قال عمر بن عبد العزيز - رضي الله تعالى عنه -للمؤذن: أذن أذانا سمحا، وإلا فاعتزلنا.

ولا يؤذن إلا للصلاة المكتوبة المؤداة خاصة، فلا يؤذن لنافلة، ولا سنة، ولا فريضة مقضية، وأما الإقامة فتسن للمكتوبة عامة، مؤداة أو مقضية.


(١) رواه أبو داود والإمام أحمد وهو حديث صحيح، وأصله عند مسلم.
(٢) متفق عليه.
(٣) متفق عليه.

<<  <   >  >>