وأشار بقوله: وسلمنّ بعد ذاك شطرا البيت، إلى أنه إذا أتى بما ذكر، يسلم تسليمة واحدة قبالة وجهه أولا، ثم ينحو برأسه ناحية اليمين، والسلام في نفسه واجب، ولفظه متعين للحديث السابق في الكلام على تعين التكبير في الإحرام، وما ذكره من أن الإمام والفذ يسلمان تسليمة واحدة هو المشهور، وقيل يسلمان تسليمتين، وهو رواية ابن وهب، قال الباجي - رحمه الله تعالى -: وأحاديث التسليمة الواحدة غير ثابتة، وأحاديث التسليمتين لم يخرج منها البخاري شيئا، وخرج مسلم في ذلك حديثين، عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - كان يسلم تسليمتين، وقال سعد: يسلم عن يمينه ويساره حتى يرى بياض خديه، الباجي: وهي أخبار تحتمل التأويل، والقياس يقتضي إفراد السلام الذي يتحلل به من الصلاة، وما زاد على ذلك فإنما هو للرد، وليس ذلك في الإمام والفذ.
وذكر مالك -رحمه الله تعالى -أن على التسليمة الواحدة العمل، ولفظه على نقل ابن يونس: وقد سلم النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم -واحدة، وكذلك أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وغيرهم، قال مالك في غير المدونة: فكما يدخل في الصلاة بتكبيرة واحدة، فكذلك يخرج منها بتسليمة واحدة، وعلى ذلك كان الأمر في الأئمة وغيرهم، وإنما حدثت التسليمتان مذ كان بنوا هاشم.
وقال ابن العربي في العارضة: والتسليمة الواحدة وإن كان حديثها عن عائشة -رضي الله تعالى عنها -معلولا، لكن نقلها بصفة الصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم - متواتر، فهي مقدمة على رواية الآحاد، فسلموا واحدة للتحلل من الصلاة، كما أحرمتم بتكبيرة واحدة، وسلموا أخرى تردون بها على الإمام والذي على يساركم، واحذروا عن تسليمة ثالثة فإنها بدعة.
يشيران إلى حديث " تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم "