قوله: ومَن مِن الأشفاع البيت، يعني به أن من أراد أن يصلي أكثر من الشفع من النوافل بأن أراد أن يصلي أربعا، أو ستا، أو ثمانيا، فليصل الوتر بعد ذلك كله لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم:" اجعلوا آخر صلاتكم باليل وترا "(١) وقوله: وباثنتي عشرة إلى قوله: أو عشرة، أشار به إلى ما جاء في الصحيح عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - من أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يصلي من الليل اثنتي عشرة ركعة ثم يوتر بواحدة، وأنه كان يصلي عشر ركعات ثم يوتر بواحدة، ووفق بينهما بما جاء من أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يفتتح صلاته بركعتين خفيفتين يقرأ فيهما بالكافرون والإخلاص، فالرواية الأولى باعتبارهما، والثانية بعدمه، قال سيدي زروق - رحمه الله تعالى -: أكثر ما روي في صلاته عليه الصلاة والسلام من اليل سبع عشرة ركعة، وأقل ما روي سبع فقيل إنها لأحوال مختلفة، وقيل لقصود مختلفة، وقيل بالجمع، ومن أحسن ذلك أنه عليه الصلاة والسلام كان له عدد يعتبره بالدورة، فإذا أكثر بالنهار قلل باليل، وبالعكس، والذي يهدي إليه الاستقراء أنها كانت خمسين ركعة بالفرض والنفل، إشارة إلى الأصل، ففي حديث علي - رضي الله تعالى عنه - كان يصلي من النهار ست عشرة ركعة، في الضحى ستا، وقبل الظهر أربعا، وبعدها ركعتين، وقبل العصر أربعا، وحديث ركعتي المغرب والفجر، وثلاث عشرة من اليل لا يخفى، فتلك ثلاث وثلاثون، وربما نقص من ليلها وزاد في النهار، وربما نقص من النهار وزاد في اليل، كما اقتضته أحاديث يطول ذكرها، وقد أشار عياض لشيء من هذا فانظره.