وإذا تذكر ذلك وهو قائم، فهل يطلب بالجلوس، لأنه الحالة التي فارق الصلاة عليها، وهو قول ابن شبلون، وصوبه ابن رشد، أو يجوز له أن يحرم وهو قائم، ليكون إحرامه بالفور، وهو قول قدماء أصحاب مالك - رحمهم الله تعالى جميعا - وعليه فهل يرجع للجلوس قولان، وأما إن تذكر وهو جالس فلا يؤمر بالقيام، وإذا لم يتذكر حتى حصل طول، أو خرج من المسجد بطلت صلاته، على المشهور، خلافا لأشهب، حيث قال يبني في البعد كالقرب، وهو رواية في المبسوط، وإلى هذا الإشارة بقوله: وائتنف الذاكر عن تباعد البيت، والطول هنا بالعرف.
قوله: وهكذا من السلام نسيا، معناه أن من نسي السلام ولم يتذكر فورا، وإنما تذكر بعد الطول الذي لا يمنع البناء، يحرم ويتشهد ويسلم ويسجد بعديا، وكذا إذا تذكر بالفور وقد انحرف عن القبلة، وأما إذا تذكر بالفور ولم ينحرف عن القبلة، فإنه يسلم ولا شيء عليه، كمسألة الشك في السلام المشار إليها بقوله: ومن يشك في السلام البيت، ومسألة السهو عن السلام داخلة في المسألة التي قبلها، ونص عليها لما جاء من الاختلاف في الاكتفاء عن السلام بالمنافي.
قوله: ومن يكن لم يدر كم صلى البيت، يعني به أن من شك في شيء من صلاته ركنا أو ركعة لم يعتد به، إذا لم يكن موسوسا، وأتم صلاته على ما تحقق أنه فعله، وفي حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه -الصحيح " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانت ترغيما للشيطان "(١)
واختلف في الظن والمشهور أنه كالشك، لقوله " على ما استيقن "
(١) رواه مسلم والترمذي والإمام أحمد، ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والدارمي من غير تصريح بكون السجود قبل السلام.