للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا ونواقض الوضوء نوعان: أحدهما الأحداث، وهي ما تقدم ذكره في الأبيات قبل، والثاني الأسباب، وهو ما كان مظنة لحصول حدث، وإليها أشار بقوله: ويجب الوضوء من زوال إلخ، ومعنى البيت أن النوم الثقيل موجب للوضوء، ظاهره طال أو قصر، ومقتضى التقييد بالثقل، أن الخفيف لا ينقض طال أو قصر، أما الثقيل الطويل فناقض اتفاقا، وأما الثقيل القصير فناقض على المشهور، وأما الخفيف الطويل فغير ناقض على المشهور، ولكن يستحب منه الوضوء، وأما الخفيف القصير فغير ناقض اتفاقا، وهذا التفصيل طريقة اللخمي - رحمه الله تعالى -، وطريقة القاضي أبي محمد عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - أن الثقيل ناقض مطلقا، وغيره ينظر فيه إلى صفة النائم، ونصه في التلقين: فأما النوم المستثقل فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم من اضطجاع أو سجود أو جلوس أو غير ذلك، وما دون الاستثقال يجب منه الوضوء في الاضطجاع والسجود، ولا يجب منه في الجلوس.

وهذا كله على أنه سبب، وهو المعول لما في الحديث الشريف " العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ " (١) وقيل هو حدث وروي عن ابن القاسم، والقول بذلك ناظر إلى أن القيام المذكور في الآية الكريمة من النوم، وأنه عام في كل نوم، وما ذكر من التفصيل ناظر إلى العلة والمعنى في الحديث الشريف " العين وكاء السه " فمقتضاه أن النوم إنما أوجب الوضوء من جهة أنه مظنة للريح، فإذا كان خفيفا بحيث لا يتصور فيه حدوث ريح من غير شعور لم يكن ناقضا، مع ما في الحديث من أنهم كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون، (٢) والاختلاف في بعض الصور عائد إلى الاختلاف في تحقيق المناط هذا ما يظهر والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) رواه أبو داوود وابن ماجه والإمام أحمد واللفظ لابن ماجه، وهو حديث حسن.
(٢) رواه أبو داود عن أنس ـ رضي الله تعالى عنه ـ وأصله في الصحيحين.

<<  <   >  >>