قوله: وأنصتن وقت خطبة الامام، معناه أن الإنصات للخطبة واجب، قال في التبصرة: الإنصات للخطبة والاستماع لها واجب، لقول النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم ـ": إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت (١) " وإذا كان من استنصت المتكلم لاغيا، كان المتكلم الأول أبين أنه لاغ، وفي كتاب مسلم - رحمه الله تعالى - قال النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم ـ:" من حرك الحصى فقد لغا " فلا يجوز له حينئذ أن يحرك شيئا له صوت، كتاب، ولا ثوب جديد، ولا ما أشبه ذلك، لأن ذلك مما يشغل السامع، وقال مالك - رحمه الله تعالى - في المبسوط: إذا تكلم رجلان، فلا بأس أن يشير إليهما بيده ينهاهما، أو يغمزهما، أو يسبح بهما، ولا يرفع صوته بالتسبيح، إلى أن قال: واختلف في الإمام إذا تكلم بما لا يجوز من سب من لا يجوز سبه، أو مدح من لا يجوز مدحه، هل يسكت الناس عند ذلك، فقال مالك - رحمه الله تعالى - في المجموعة: لا ينبغي الكلام وإن خرج إلى ما لا يجوز له، وقد قال عبد الملك بن حبيب: إذا لغا الإمام في خطبته، أو تكلم بغير ما يعني الناس، أو خرج إلى اللعن والشتم، لم يكن على الناس الإنصات عند ذلك، ولا التحول إليه، قال: وقد فعل ذلك سعيد بن المسيب لما لغا الإمام، أقبل سعيد على رجل يكلمه، فلما رجع إلى الخطبة سكت سعيد - رحمه الله تعالى - وهذا هو الصواب، والأول حماية.
(١) متفق عليه بلفظ " إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت ".