للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلف في النقض بالإنعاظ البين، قال ابن عرفة: وفي نقض بين الإنعاظ ثالثها إن اختلفت عادته في تعقبه مذي، للباجي عنها، مع نقله عن ابن شعبان، ورواية ابن نافع واللخمي.

واختلف في الشك في الحدث بعد تيقن الوضوء فقيل يجب منه الوضوء وهو الذي في المدونة، وروى ابن وهب عن مالك أنه قال: أحب إليَّ أن يتوضأ، وقال ابن حبيب: إذا خيل إليه أن ريحا خرجت منه فلا يتوضأ، إلا أن يوقن بها، وإن دخله الشك بالحس فلا شيء عليه، قال: بخلاف من شك هل بال أو أحدث فإنه يعيد الوضوء نقله في التوضيح.

وقد شدد بعض أئمة المذهب وبالغ في رد المشهور الذي هو كونه ناقضا، محتجا بحديث الصحيح " فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (١) " وهذا غير بين، فإن الحديث إن لم يكن حجة للمشهور فليس حجة عليه، وذلك أن الذي يقتضيه أن المصلي ملحق بالموسوس لأن الشيطان يهجم عليه بالتشكيك والتخييل والوسوسة، حتى أنه يفسو بين أليتيه، فألغي في حقه الشك، والتعليل بهذه العلة يتضمن تقريرا على اعتبار الشك الذي ليس نابعا من الوسوسة والتخييل، هذا بالإضافة إلى ما تقرر من اعتبار الشك في طهارة الخبث التي هي أخف اعتبارا من طهارة الحدث حيث أُمر بالنضح فيه، وحكم بالإعادة لتركه، بل عولوا وجوب الغسل به في البدن والبقعة، وبالإضافة إلى أصل الاحتياط الذي دل عليه الشرع في الجملة " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (٢) " لا سيما إذا تعلق الأمر بأم الدعائم، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.


(١) متفق عليه.
(٢) رواه الترمذي والنسائي والإمام أحمد وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>