للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال القاضي عبد الوهاب في الإشراف: لأنه ميت من أهل الإسلام، مات في غير معترك، كمن مات حتف أنفه، ولأن أحدا لا تتأتى له محض الطاعات، ولا يخلص من المعاصي، فلو منعنا الصلاة على راكب كبيرة، أو مقترف معصية، لأدى ذلك إلى أن لا يصلى على أكثر الناس من المسلمين، ولأن الصلاة على الميت إنما هي دعاء، وطلب الرحمة والمغفرة، وأحوج أهل الملة إلى الدعاء والاستغفار هذا الميت.

ويمكن أن يحتج لهذا بما اقتضاه ظاهر الآية من تعليل النهي عن الصلاة على المنافقين بالكفر، في قوله سبحانه وتعالى: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون)

وهكذا الكلام في المقتول حدا أو قصاصا، ولكن لا ينبغي للإمام وأهل الفضل أن يصلوا عليه، وكذلك أهل المعاصي المتجاهرون بها، أو المشتهرون بها، غيرة لله سبحانه وتعالى، وردعا لأمثالهم، ما لم تظهر توبتهم وإنابتهم، والأصل في ذلك خبر الجهنية المرجومة، فظاهر الخبر تقرير عمر - رضي الله تعالى عنه - على ما اقتضاه كلامه من عدم صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم على أهل الكبائر، حيث أجابه صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله: " لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم " الحديث، (١) والله سبحانه وتعالى أعلم.

وقال ابن عبد الحكم يصلي عليهم الإمام، واحتج بصلاته صلى الله تعالى عليه وسلم على ماعز والغامدية، (٢) وإلى هذا الإشارة بقوله: وهكذا من الإمام البيتين.

قوله: أما اتباع ميت البيت، معناه أنه يكره اتباع الميت بمجمر، وقد روى مالك -رحمه الله تعالى - في الموطإ النهي عن ذلك عن أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأبي هريرة -رضي الله تعالى عنهم أجمعين ـ.


(١) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والدارمي والإمام أحمد.
(٢) أما صلاته على الغامدية فرواها مسلم وأبو داود، وأما صلاته على ماعز فرواها البخاري.

<<  <   >  >>