للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يبعد عندي أن يكون مراده استواء القولين، واتساع العمل بكل منهما، ونحوه كثير في هذا الكتاب، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأما ثانيهما فأشار به إلى أن الدعاء بعد كل تكبيرة واجب، على ما ذكر في المواهب أنه ظاهر عياض والشبيبي وغيرهم، ومقتضى قول ابن رشد: أقل ما يجزئ في كل ركعة: اللهم اغفر له وارحمه، وقال في التوضيح: نقل ابن زرقون عن أبي بكر الوقار -رحمهم الله تعالى جميعا -أنه قال: يحمد الله سبحانه وتعالى في الأولى، ويصلي على النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم -في الثانية، ويشفع للميت في الثالثة.

وقال ابن عرفة -رحمه الله تعالى -في مختصره: وفي النوادر: إنما تقول إثر التكبيرة الأولى: الحمد، والصلاة، وهذا الدعاء إثر غيرها.

واختلف هل يقرأ قبل الدعاء بأم القرآن، وهو لأشهب، نظرا لعموم " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج " (١) ولأن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - صلى على جنازة فقرأ بأم القرآن، وقال: " ليعلموا أنها سنة " (٢) وهو مذهب الشافعي - رحمه الله تعالى - أو لا يقرأ فيها، وهو المشهور، قال في الإشراف: لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء " (٣) ولم يأمر بالقراءة، ولأنها صلاة لا ركوع فيها، فلم يكن فيها قراءة، أصله سجود التلاوة والطواف، ولأن من حق القراءة ألا تجب إلا مكررة في الصلوات الواجبة، فلما لم يتكرر في الجنازة، دل على أنها ليست بواجبة فيها، ولأن القيام ركن من أركان الصلاة، فإذا وجب منفردا لم تجب له قراءة، كسجود التلاوة، ولأنها قراءة فأشبه ما عدا الفاتحة.


(١) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والإمام مالك والإمام أحمد.
(٢) رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
(٣) رواه أبو داود وابن ماجة، وهو حديث حسن.

<<  <   >  >>