وهذا كله بعد تحقق الغروب، ويحرم الفطر اتفاقا مع الشك فيه، والمشهور أيضا حرمة الفطر مع الشك في الفجر، وعليه حمل أبو عمران وغيره المدونة، وقيل لا يحرم ولكن يكره، وعليه حمل اللخمي -رحمه الله تعالى -المدونة، وقال ابن حبيب ـ رحمه الله تعالى ـ يجوز من غير كراهة، واختار اللخمي ـ رحمه الله تعالى ـ وجوب الإمساك مع الغيم، واستحبابه مع الصحو.
٥٩٨ - ولا تصم للاحتياط يوما ... شك، وإن صادفتَ فاقض حتما
٥٩٩ - وصومه قاصدا التطوعا ... أو قاصدا به القضاء اتسعا
٦٠٠ - وإن نهارا ثبت الشهر لزم ... إمساكه كذا القضاء قد حُتم
٦٠١ - وإن يكن من قبل الامساك لمِ ... يُصِب شرابا مثلا أو يطعم
قوله: ولا تصم للاحتياط يوما شك، معناه أن صوم يوم الشك احتياطا لرمضان منهي عنه، واختلف هل النهي عنه نهي كراهة، أو نهي حرمة، قال في التوضيح: وظاهر الحديث التحريم، (١) وهو ظاهر ما نسبه اللخمي لمالك - رحمهما الله تعالى - لأنه قال: ومنعه مالك، وفي المدونة: ولا ينبغي صيام يوم الشك، وحملها أبو الحسن على المنع، وفي الجلاب: يكره صوم يوم الشك، وقال ابن عطاء الله: الكافة مجمعون على كراهة صومه احتياطا، ونحوه في ابن فرحون، وزاد: وأجازت صومه احتياطا عائشة وأسماء، وأجازه ابن عمر وابن حنبل في الغيم دون الصحو، وقال ابن مسلمة يكره أن يؤمر الناس بفطره، لئلا يظن أنه يجب عليهم فطر قبل الصوم، كما وجب بعده، نقله في المواهب.
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كانت السماء مغيمة، ولم تثبت رؤية الهلال، وأما إذا كانت مصحية ولم ير فهو من شعبان بلا شك، ويكره صيامه أيضا احتياطا، كما تقدم في كلام ابن فرحون.
(١) كحديث عمار ـ رضي الله تعالى عنه ـ " من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم " رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي.