ويفهم ذلك من إخراجه صلى الله تعالى عليه وسلم رأسه لعائشة - رضي الله تعالى عنه - لترجله، (١) قوله: وأن يتابعا، معناه أنه يلزمه إذا عزم أو نذر أن يعتكف أياما غير مقيد بتتابع ولا غيره أن يتابعها للعرف، قال في التبصرة: وفرق مالك - رحمه الله تعالى - بين الاعتكاف إذا نذر أياما، والصوم، فإن نذر صوم أيام كان له أن يفرقها، وإن نوى اعتكاف أيام لم يفرق، وهذا صحيح، للعادة أن من دخل معتكفه وهو ينوي أياما، أنه يأتي به متتابعا، ولولا العادة لم يلزمه ذلك، لأن أقل الاعتكاف كأقل الصوم، فأقل الاعتكاف يوم، ولا يجوز أقل منه، وأقل الصوم يوم، ولا يجوز بعض يوم، وإذا جاز لمن قال: لله تعالى عليَّ صوم عشرة أيام أن يفرقها، ويأتي بأقل ما يصح أن يصام بانفراده، وهو يوم، جاز في الاعتكاف.
قوله: وناذر عكوف أيام تقع البيتين، معناه أن من نذر اعتكاف أيام فيها يوم الجمعة، وكان ببلد تجب فيه الجمعة، وكان ممن تجب عليه الجمعة، وجب أن يعتكف بمسجد الجمعة خاصة، ولا يجوز له أن يعتكف في غيره، فإن فعل وحضرت الجمعة، وجب عليه الخروج للجمعة، واختلف هل يبطل اعتكافه، وهو الذي لمالك -رحمه الله تعالى - في المجموعة، وهو المشهور كما قال في الجواهر، أو لا، وعليه فهل يتم اعتكافه في الجامع كما لمالك وابن الجهم -رحمهما الله تعالى -أو يتمه بالمسجد الأول كما لعبد الملك -رحمه الله تعالى ـ.