قوله: ويجب الغسل كذاك بانقطاع حيض، وبالنفاس أيضا، أشار به إلى أن الغسل واجب أيضا من انقطاع دم الحيض، وكذلك دم النفاس، ووقع للشيخ هنا ذكر الاستحاضة، وحمله سيدي زروق - رحمه الله تعالى - على المستحاضة التي تميز إذا انقطع تمييزها، واستدل لذلك بمآ سيأتي له في باب جامع من الاقتصار في إيجاب الغسل على الجنابة والحيض والنفاس، وقد تقدم أن المشهور أن الاستحاضة لا يجب بها غسل، ولكن يستحب لانقطاعها، وإنما لم يجب بها غسل عند مالك - رحمه الله تعالى - لحديث فاطمة بنت أبي حبيش - رضي الله تعالى عنها - حيث قالت للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم - إني لا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال لها رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم ـ:" إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي (١) " قال مالك - رحمه الله تعالى -: الأمر عندنا في المستحاضة على حديث هشام بن عروة عن أبيه وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك.
ووجوب الغسل من الحيض والنفاس مجمع عليه بين أهل العلم مع ظاهر الآية، وظواهر الأخبار.
واختلف في النفاس دون دم هل يجب به غسل أو لا؟ الأول رواه أشهب، وقال ابن رشد: مراده دون دم كثير، إذ خروجه بلا دم محال عادة، والثاني للخمي ونصه: وقال مالك - رحمه الله تعالى - في العتبية في التي تلد ولا ترى دما: تغتسل أو في ذلك شك؟ لا يأتي الغسل إلا بخير.
وهذا استحسان لأن اغتسال النفساء لم يكن لأجل خروج الولد، وإنما كان للطهر من الحيض، ولو نوت الاغتسال لخروج الولد دون الطهر من الحيض ما أجزأها ذلك.
(١) رواه مالك وأبو داوود والترمذي والنسائي وهو حديث صحيح.