أشار بهذه الأبيات إلى زكاة الغنم، والأصل فيها كتابا الصدقة المتقدم ذكرهما، فقوله: ولا تزكين ما لم تستتم البيت، أشار به إلى أن نصاب الغنم أربعون شاة، فلا زكاة في ما دونها، والواجب في زكاة الأربعين شاة، جذعة أو ثنية، فإذا كانت نوعا واحدا أخذت منه، وإن كانت ضأنا ومعزا، فإن استويا خير الساعي، وإن كان أحدهما أكثر أخذت منه، وإلى ذلك الإشارة بقوله: والاربعون البيت، فقوله في القد، أي: القدر، معناه أن الشاة التي تؤخذ من الأربعين مساوية لشاة الذود في السن، لأن شاة الذود جذعة أو ثنية، كما تقدم، وقوله: لا نوعها، يعني أنها تخالفها في اعتبار النوع، فشاة الذود تعتبر بغنم البلد، وشاة الأربعين تعتبر بالأربعين، ولا يشترط في الشاة المأخوذة في الإبل والغنم أن تكون أنثى، قال ابن يونس - رحمه الله تعالى - في الجامع: قال - يعني مالكا رحمه الله تعالى -: والجذع من الضأن والمعز في أخذ الصدقة سواء، يريد أنه يجزئ أحدهما في الصدقة ذكرا أو أنثى، قال أشهب وغيره: وكذلك في ما يؤخذ منها في الإبل، وذكر ابن حبيب أنه إنما يؤخذ الجذع من الضأن والثني من المعز كالضحايا، قال أبو محمد: وليس هذا بقول مالك ولا أصحابه، ثم قال: ومن المدونة: قال مالك - رحمه الله تعالى -: ويؤخذ الثني من الضأن ذكرا أو أنثى، ولا يؤخذ الثني من المعز إلا أنثى، لأن الذكر منها تيس، والتيس دون الفحل، وإنما يعد في ذوات العوار، ويحسب على رب الغنم، كما تحسب عليه العمياء والمريضة البين مرضها، والهرمة، والسخلة، والعرجاء التي لا تلحق بالغنم، وذات العوار، وهي ذات العيب، ولا يأخذها.
قوله: وهكذا ولتأخذن ثانية الأبيات، معناه أنه لا تجب فيها إلا شاة واحدة، حتى تزيد على مائة وعشرين، فإن زادت عليها بشاة فأكثر، ففيها شاتان، حتى تزيد على مائتين، فإن زادت عليها بشاة فأكثر ففيها ثلاث شياه حتى تتم أربعمائة، فلكل مائة شاة.