قوله: ولتدخلن مكة من كدا البيت، معناه أنه يستحب دخول مكة المكرمة من كداء وخروجه من كدى لحديث عائشة -رضي الله تعالى عنها -أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما جاء مكة المكرمة دخل من أعلاها، وخرج من أسفلها (١) قال في شفاء الغليل: قال النووي -رحمهما الله تعالى -: كداء التي يدخل منها بفتح الكاف والمد، ويجوز صرفها على إرادة الموضع، وتركه على إرادة البقعة، وأما كدى التي يخرج منها فمضمومة مقصورة، وكداء بالفتح: العليا، ينزل منها إلى الأبطح ومقابر مكة المكرمة، والمضمومة: السفلى، عند قُعَيقِعان.
وقال ابن العربي -رحمه الله تعالى -: كداء بالفتح والمد: هو الفتح الذي في الجبل على المحصب، وهو الموضع الذي بركت فيه ناقة رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم - يوم الفتح، وأما الذي بالضم والقصر، ففي طريق التنعيم في عقبة بني مجاشع.
ثم قال: وقال ابن الصلاح الشافعي -رحمه الله تعالى -: وأما كُدَيٌّ مصغرا -يعني بضم الكاف وفتح الدال وتشديد الياء -فإنها لمن خرج من مكة المكرمة إلى اليمن، وليست من الموضعين الأولين في شيء، أخبرني بذلك أحمد بن عمر العُذري عمن لقي بمكة المكرمة من أهل المعرفة لمواضعها من أهل العلم، وهي فائدة حسنة، تدفع ما غلط فيه كثيرون.
قال سيدي زروق -رحمه الله تعالى -: وحكمة دخولها من أعلاها قيل لدعوة إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) ولم يقل تصعد إليهم.
وقال في المواهب: قال السهيلي -رحمهما الله تعالى -: إنما استحب الرسول -صلى الله تعالى عليه وسلم -لمن أتى مكة أن يدخل من كداء، لأنه الموضع الذي دعا فيه إبراهيم ربه ـ سبحانه وتعالى ـ أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، ولم يقل تصعد إليهم، فقيل له:(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا) ألا ترى أنه قال: (يأتوك) ولم يقل يأتوني.